الأحد، 28 أبريل 2013

الغضب - الغضب - الغضب - الغضب - الغضب - الغضب - الغضب




مشكلة الغضب وتأثيره على السلوك
وعلاجه من منظور التربية الإسلامية
دراسة تربوية – نظرية

إشراف سعادة الدكتور / عيد بن حجيج الجهني

مقدمة :
أحَمدُ الحقَ تبارك وتعالى ، وأُصلي وأُسلم على خاتم أنبيائه ورسله خيرُ خَلْقِ الله ، وأحبُ عِبْاَدِ الله إلى الله ،مُحمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
و بعد:
لقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الغضب ، وذلك كما جاء في الحديث الشريف فعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني ،قال : " لا تغضب ، فردد مراراً ، قال : لا تغضب ". (1)
والغضب انفعال فطري طبيعي يشعر به الكبار والصغار، ولا يعتبر الغضب في حد ذاته  مشكلة ، ولكن الخطورة في هذا الانفعال عندما يخرج عن السيطرة ، وينجم عنه عواقب غير محمودة تختلف حدتها من موقف لآخر .
فالغضب عندما يتملك الفرد فإنه يؤثر على جوانب عديدة في شخصيته ، مثل الجانب الأخلاقي ؛ وذلك من خلال أقواله وأفعاله فيقوم بشتم أو ضرب من أمامه ، كما يؤثر على الجانب الصحي ؛ فيصاب ببعض الأمراض مثل الضغط أو السكري أو القولون العصبي أو رعشة في اليدين أو أمراض القلب ،أما عن الجانب النفسي ؛ فسيشعر دائماً بالإحباط وعدم الرضا عن نفسه وعن من حوله ، وفي الجانب الاجتماعي ؛ تنشأ الخلافات في الأسرة بين أفرادها وقد تؤدي إلى الطلاق وتفكك الأسرة ؛ وفي العمل تجد أن الشخص كثير الغضب في مشاحنات دائمة مع زملائه ورؤسائه ، كما أنه يؤثر على علاقات الجيران ببعضهم البعض وتحدث فجوة اجتماعية وتفكك بين الجيران ، وليس هذا وحسب بل كل ما يحيط بالفرد في الحياة الاجتماعية.
وأسباب الغضب كثيرة فمنها ما كان بسبب إعجاب الشخص بنفسه بنعمة أنعمها الله عليه مثل المال أو النسب أو المكانة الاجتماعية المرموقة أو غيرها ، فهذه النعمة تجعله ينظر لغيره نظرة العلو والتكبر ، ومن الأسباب أيضاً المزاح الزائد بغير معنى فربما زاد الشخص من المزاح الجائر الذي ينشأ عنه الغضب ، والسباب والشتم وعدم الاحترام، والشعور الداخلي والذي ينتج عنه حوار مع النفس مثل ، إن الشخص الذي أمامي لا يهتم بي ، ولا يعطيني القدر المناسب من الاحترام ، بل أنا أستحق أن يعاملني أفضل من ذلك، لقد تغير أسلوب التعامل معي .
أسئلة الدراسة :
السؤال الرئيس للدراسة هو :
ما أسباب الغضب ؟ وما سبل علاجه من منظور التربية الإسلامية ؟
ويتفرع من هذا السؤال الأسئلة التالية:
1-   ما مفهوم الغضب ؟
2-   ما الأسباب التي تؤدي إلى الغضب ؟
3-   كيف يؤثر الغضب على السلوك ؟
4-   كيف عالجت التربية الإسلامية الغضب ؟
5-   ما هي أدوار وسائط التربية في التوعية والعلاج ؟
أهداف الدراسة :
1-   التعرف على أسباب الغضب .
2-   بيان الآثار السلبية للغضب على السلوك .
3-   أساليب علاج الغضب من منظور التربية الإسلامية .
أهمية الدراسة :
تنبع أهمية الدراسة من النقاط التالية :
1-   أهمية تحديد أسباب الغضب .
2-   الآثار السلبية للغضب .
3-   توعية أفراد المجتمع بأسباب الغضب وسبل تلافيها .
4-   محاولة تأصيل موضوع الغضب تأصيلاً تربوياً .
5-   بذل جهد متواضع من خلال هذا البحث في خدمة المجتمع وقضاياه المعاصرة .
منهج الدراسة :
سيستخدم الباحث – بإذن الله تعالى وتوفيقه – المنهج الوصفي التحليلي .
المنهج الوصفي : " يعتمد على دراسة الواقع أو الظاهرة كما توجد في الواقع ويهتم بوصفها وصفاً دقيقاً ويعبر عنها تعبيراً كيفياً أو تعبيراً كمياً ، فالتعبير الكيفي يصف لنا الظاهرة ويوضح خصائصها ، أما التعبير الكمي فيعطينا وصفاً رقمياً يوضح مقدار هذه الظاهرة أو حجمها ودرجات ارتباطها مع الظواهر المختلفة الأخرى".(2)
المنهج الوصفي التحليلي : " هو أحد أساليب البحث العلمي المستخدمة في العلوم الاجتماعية والإنسانية والتربوية ، وفيه يقوم الباحث بتعريف مكونات النصوص موضوع الدراسة؛بهدف وصفها،وتقويمها.ويتم ذلك وفق خطوات إجرائية منظمة".(3)
" وموضوعه الوصف ،والتفسير ، والتحليل في العلوم الإنسانية من دينية ، واجتماعية وثقافية ، لما هو كائن من الأحداث التي وقعت لملاحظتها ، ووصفها ، وتعليلها ، وتحليلها ، والتأثيرات ، والتطورات المتوقعة ، كما يصف الأحداث الماضية ، وتأثيرها على الحاضر، ويهتم أيضاً بالمقارنة بين أشياء مختلفة ،أو متجانسة ، ذات وظيفة واحدة ، أو نظريات مسلمة " (4)
ويعتبر المنهج المناسب لهذه الدراسة ، والذي يمكن من خلاله دراسة الغضب  وكيفية علاجه من منظور التربية الإسلامية.
المبحث الأول : مفهوم الغضب
مصطلحات الدراسة :
(1) – الغضب.
الغضب في اللغة :
يقول ابن منظور : الغَضَبُ : نَقِيضُ الرّضَا . وقد غَضِبَ عَلَيْهِ غَضَباً وَمغْضَبَةً ، وأَغْضَبْتُهُ أَنا فَتَغَضَّبَ . (5)  
ومن مرادفات الغضب :
1 - غيظ . الْغَيْظُ : الغَضَبُ ، وَقيلَ : الغَيْظُ غَضَبٌ كامِنٌ لِلعْاجِزِ ، وقيلَ : هُوَ أَشَدُّ مِنَ الغضَبِ . (6)
2 – سخِط : السُّخْطُ وَ السَّخَطُ : ضِدُّ الرّضا ، وسَخِطَ أَيْ غَصِبَ ، فَهُوَ ساخطٌ .  وأَسْخَطَهُ : أَغْضَبَهُ . (7)
3 – حرد . الْحَرْدُ : الْغَيْظُ وَالْغَضَب . (8)
الغضب في الاصطلاح :
يقول الإمام أبي حامد الغزالي : " الغضب شعلة نار اقتبست من نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة ، وإنها المستكنة في طي الفؤاد استكنان الجمر تحت الرماد ".(9)
ويقول ابن رجب : " الغضب : هو غليانُ دم القلب طلباً لدفع المؤذي عندَ خشية وقوعه ، أو طلباً للانتقام ممن حصل منه الأذى بعد وقوعه " .(10)
وعند علماء النفس :
جاء في معجم علم النفس والتربية  أن الغضب هو : " استجابة انفعالية يثيرها بوجه خاص التدخل والإهانة والتهديد ، وتتميز ببعض الخصائص مثل السلوك العدواني والتغيرات التي تبدو على الوجه " .(11)
ويعرف جميل صليبا الغضب على أنه : " الانفعال النفساني المقارن لغريزة الكفاح والمقاتلة ، وهو المظهر الايجابي لغريزة الدفاع عن النفس ، أو لغريزة حفظ البقاء الفردي " (12)
 أما عزالدين توفيق يعرفه على أنه : " انفعال مؤلم تصحبه تغيرات فسيولوجية مثل احمرار الوجه وارتجاف الأطراف واضطراب الحركة والكلام ، وقد ترافقه سلوكيات خارجية مثل : السب والضرب والقتل والانتقام ".(13)
ويتخذ الباحث هذا التعريف كتعريف إجرائي للبحث ، وذلك لأن التعريف تضمن السلوكيات الناجمة عن الغضب مثل : السب والضرب والقتل والانتقام .
 (2) – السلوك .
السلوك في اللغة :
السلوك مَصْدَرُ سَلَكَ طَرِيقاً ؛ وسَلَكَ الْمَكانَ يَسْلُكُهُ سَلْكاً وسُلُوكاً ، وسَلَكَهُ غَيْرَهُ ، وفِيهِ ، وأَسْلَكَهُ إيَّاهُ . (14)
السلوك في الاصطلاح وعند علماء النفس :
جاء في معجم علم النفس والتربية أن السلوك هو : " الاستجابة الكلية التي يبديها كائن حي إزاء أي موقف يواجهه " .(15)
يرى صالح أن السلوك : " تلك الأحداث الجارية في حياتنا اليومية من حيث أننا نعيش في بيئة خاصة بنا مع آخرين مماثلين لنا نتفاعل معهم ويتفاعلون معنا ، أي نتأثر بهم، ونؤثر فيهم ، ويتأثرون بنا ويؤثرون فينا " .(16)
ويقول راجح : " يطلق اصطلاح السلوك على مجموع أوجه النشاط النفسي والجسمي والحركي والفسيولوجي واللفظي التي تصدر عن الإنسان وهو يتعامل مع بيئته ويتفاعل معها " . (17)
بينما عرف منصور وزملائه  السلوك على أنه : " يُقصد به جميع أوجه النشاط التي يقوم بها الإنسان وتصدر منه ، والتي يستطيع هو أن يلاحظها أو يلاحظها شخص أو أشخاص آخرون ". (18) 
ويتخذ الباحث هذا التعريف كتعريف إجرائي للبحث لأن فيه التركيز على النشاط الذي يقوم به الفرد ، ويمكن ملاحظة النشاط من الشخص ذاته أو تكون الملاحظة من شخص آخر .
(3) - التربية الإسلامية.
"تنشئة الإنسان شيئاً فشيئاً في جميع جوانبه ، وفق المنهج الإسلامي " .(19)
ويريد الباحث هنا : تنشئة الفرد شيئاً فشيئاً في الجانب الانفعالي بالتكامل مع جوانب الشخصية ، وفق المنهج الإسلامي .
المبحث الثاني : أسباب الغضب
إن بواعث الغضب وأسبابه كثيرة جداً ، ولكن يختلف تأثيرها من شخص لآخر ، فهناك الشخص الغاضب دائماً لأتفه الأسباب ،وهناك من لا يغضب إلا إذا كان مزاجه سيء ، ومنهم من يستطيع التحكم في ذاته وفي غضبه .
ومن أسباب الغضب أيضاً :
1/ الكِبْرُ والإعجاب :
 لأنهما يسلبان الفضائل ، ويكسبان الرذائل ، وليس لمن استوليا عليه إصغاء لنصح ولا قبول التأديب ؛ لأن الكبر يكون بالمنزلة والعجب يكون بالفضيلة ، فالمتكبر يجل نفسه عن رتبة المتعلمين ، والمعجب يستكثر فضله عن استزادة المتأدبين .
أما الكِبْرُ : فيكسب المقت ، ويلهي عن التألف ،ويوغِر صدور الإخوان .وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام لعمه العباس : " أنهاك عن الشرك بالله والكبر ؛ فإن الله يحتجبُ منها " .
أما الإعجاب : فيخفي المحاسن ، ويظهر المساوئ ، ويكسب المذام ، ويصد عن الفضائل . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن العُجْبَ ليأكل الحسنات كما تأكل النارُ الحطب ".(20)
2/ المراء :
قال عبد الله بن الحسين : " المراء رائد الغضب فأخزى الله عقلا يأتيك به   الغضب " ، وللمراء آفات كثيرة منها : الغضب لهذا فقد نهى الشارع عنه حيث  قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا زعيم  ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا " .(21)
3/ المزاح :
يقول الماوردي : " اعلم أن للمزاح إزاحةً عن الحقوق ، ومخرجاً إلى القطيعة والعوق ، يصم المازح ، ويؤذي المُمازَح . فوصمة المازح : أن يُذهب عنه الهيبة والبهاء ، ويجرئ عليه الغَوغاء والسفهاء ، أما أذية الممازح : فلأنه معقوق بقولٍ كريه ، وفعلٍ مُمِضّ ؛ إن أمسك عنه أحزن قلبه ، وإن قابل عليه جانب أدبه ، فحق على العاقل أن يتقيه ، وينزه نفسه عن وصمة مساويه ".
حيث قال الشاعر :
شَرُ مُزَاحِ المرءِ لا يُقالُ .....وخَيْرُه يا صَاحِ لا يُنالُ
   وقَدْ يُقالُ كثرة المُزاحِ .....من الفتى تدعو إلى التلاحِي
                    إنَّ المُزاحَ بدؤُه حلاوَهْ .....لكنَّما آخرُه عَدَاوَهْ
يحتَدُّ منه الرَّجلُ الشَّريفُ .....ويجترِى بسُخْفِه السَّخيفُ (22)
4/ بذاءة اللسان وفحشه :
 بشتم أو سب أو تعيير مما يوغل الصدور , ويثير الغضب ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله يبغض الفاحش البذيء ". (23)
5/ أسباب أخرى :
يصنف بعض علماء النفس والتنمية البشرية أن الغضب يرجع إلى أسباب خارجية أو داخلية ، فمن الممكن أن يكون السبب إنساناً بعينه مثل زميل في العمل أو الرئيس نفسه ، أو قد يكون نتيجة للتعرض لخبرات تحفزه على الضيق مثل : أزمة المرور ، أو إلغاء رحلة سفر. وقد يرجع إلى أسباب أخرى من القلق وإطالة التفكير في الأمور الخاصة والعائلية أو في الذكريات المؤلمة التي تثير مشاعر الغضب عندما يسترجعها الإنسان .
ومن الأسباب أيضاً : الإرهاق – الجوع – الألم – الفشل في ممارسة الجنس – المرض – إساءة استعمال العقاقير والاعتماد على عقاقير بعينها – التغيرات الهرمونية المرتبطة بالدورة الشهرية – الوصول إلى سن إنقطاع الطمث – الإنسحاب من تأثير المخدر – الاضطرابات النفسية مثل الإكتئاب ثنائي القطب – العوامل الجينية . (24)
وقد تكون بسبب البيئة ، مثل ارتفاع درجة حرارة الجو ، فالجو الحار قد يبعث على زيادة الشد والتوتر ، فكلما اشتدت الحرارة ، أثيرت الأعصاب بسهولة . وأحياناً يكون ارتفاع نسبة الرطوبة في الجو دافعاً أكبر على إثارة الغضب .
وهناك عوامل اجتماعية مثل أن يفقد الإنسان شخصاً عزيزاً لديه وله أهمية في حياته ، وقد تكون عند تدخل والد أو والدة الزوج أو الزوجة في حياة الأزواج مما يثير أحياناً الغضب .
وهناك عوامل اقتصادية فالإنسان عندما يحتاج إلى المال لينفقه على عزيز لديه في حالة المرض مثلاً ولكنه لا يجده فقد يقوده تفكيره إلى إثارة غضبه .
 ومن الأسباب والبواعث أيضاً : الغيرة ، فغيرة الطفل الذي يحس بأن أمه تحب أخاه أكثر منه ، ومشاعر الغيرة تثير الغيظ والحنق وتدفع على أعمال كثيرة ، فإن غضب إخوة يوسف عليه السلام دفعتهم إلى إلقائه في البئر . (25)
المبحث الثالث : تأثير الغضب على السلوك
قبل الحديث عن تأثير الغضب على السلوك يجب أن نُعرج على درجات الناس في الغضب كما أوردها الإمام الغزالي :
1/ التفريط : فيفقد هذه القوة أو ضعفها وذلك مذموم ، وهو الذي يقال فيه لا حمية له ، ولذلك قال الشافعي رحمه الله " من استغضب فلم يغضب فهو حمار ". فمن فقد قوة الغضب والحمية أصلاً فهو ناقص جداً .
2/ الإفراط : فهو أن تغلب هذه الصفة حتى تخرج عن سياسة العقل والدين وطاعته ، ولا يبقى للمرء معها بصيرة ونظر وفكرة ولا اختيار، بل يصير في صورة المضطر .
3/ الاعتدال : وهو المحمود وذلك بأن ينتظر إشارة العقل والدين ، فينبعث حيث تجب الحمية وينطفئ حيث يحسن الحلم .
فمن آثار الغضب في الظاهر تغير اللون وشدة الرعدة في الأطراف وخروج الأفعال عن الترتيب والنظام واضطراب الحركة والكلام ، حتى يظهر الزبد على الأشداق وتحمر الأحداق .
أما أثره في اللسان فانطلاقه بالشتم والفحش من الكلام الذي يستحي منه ذو العقل ويستحي منه قائله عنه فتور الغضب ، وذلك مع تخبط النظم واضطراب اللفظ .
أما أثره على الأعضاء فالضرب والتهجم والتمزيق والقتل والجرح عند التمكن من غير مبالاة ، فإن هرب منه المغضوب عليه أو فاته بسبب وعجزه عن التشفي رجع الغضب على صاحبه فمزق ثوب نفسه ويلطم نفسه .
وأما أثره في القلب مع المغضوب عليه فالحقد والحسد وإضمار السوء والشماتة بالمساءات والحزن بالسرور والعزم على إفشاء السر وهتك الستر والاستهزاء وغير ذلك فن القبائح . (26)
ولا شك أن الغضب يؤثر على سلوك الفرد ليحيد به عن جادة الصواب مما يمكن أن يودي به إلى منعطفات تغير من مسار حياته ، فالزوج عندما يغضب ويحتد غضبه من زوجته قد يعتدي عليها بالشتم والضرب مما يجعل استمرار الحياة بينهما مستحيلة وقد ينفصلان ويتأثر بذلك أفراد الأسرة مما يسبب عقد نفسية ومشاكل اجتماعية لدى الأبناء.
وكم من أناس يقبعون في السجون جراء غضبهم المفرط ، ومنهم من لن يطول انتظاره فغضبه أوصله إلى حد القصاص .
وسيئات الغضب كثيرة ونتائجه الوخيمة أكثر وخطورة الغضب ليس على الفرد فحسب بل هي على الفرد والأسرة والمجتمع ، والمضار المترتبة على الغضب على مستوى الفرد كثير لأن الغضب يبعد المرء عن طبيعته البشرية ويشل تفكيره ويحرك في نفسه نوازع البغي والشر ويفقده رشده فيتصرف من غير اتزان بعيداً عن مواطن الحكمة والعقل ، لأن الشيطان في هذه اللحظة هو الذي يسيطر عليه ويحركه ، فيخرجه عن صوابه .
أما تأثير الغضب على مستوى الأسرة ينجم عنه تفكك الأسرة وتشتيت شملها بسبب لحظة غضب وتقطع أواصر القربى ويضيع الأبناء بسبب لحظة هوجاء .
وتأثير الغضب على المجتمع ينجم عنه توليد الحقد في القلوب ، وإيذاء المسلمين لأن الغضب يجمع الشر كله ، وهو مفتاح الشرور ، فإذا امتلأت القلوب بالحقد والعنف والضغينة تعيش المجتمعات في خصام دائم كل ذلك لأن السيئة قوبلت بالسيئة فهاجت النفوس وقامت القطيعة وتفككت روابطها . (27)
المبحث الرابع : علاج الغضب من منظور التربية الإسلامية
إن تعاليم الدين الإسلامي تدعو الفرد المسلم إلى التحلي بجميل الأخلاق وفضائلها ،  ومنها الصبر على الشدائد والاحتمال والعفو عند المقدرة ، وكظم الغيظ ، حيث جاء في الذكر الحكيم قوله تعالى : { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } (28)
 يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي في تفسير الآية الكريمة : { الذين ينفقون في السراء والضراء } أي : في حال عسرهم ويسرهم ، إن أيسروا أكثروا من النفقة ، وإن أعسروا لم يحتقروا من المعروف شيئا ولو قل . { والكاظمين الغيظ } أي : إذا حصل لهم من غيرهم أذية توجب غيظهم - وهو امتلاء قلوبهم من الحنق ، الموجب للانتقام بالقول والفعل - ، هؤلاء لا يعملون بمقتضى الطباع البشرية ، بل يكظمون ما في القلوب من الغيظ ، ويصبرون عن مقابلة المسيء إليهم . { والعافين عن الناس } يدخل في العفو عن الناس ، العفو عن كل من أساء إليك بقول أو فعل، والعفو أبلغ من الكظم ، لأن العفو ترك المؤاخذة مع السماحة عن المسيء ، وهذا إنما يكون ممن تحلى بالأخلاق الجميلة، وتخلى عن الأخلاق الرذيلة ، وممن تاجر مع الله ، وعفا عن عباد الله رحمة بهم ، وإحسانا إليهم ، وكراهة لحصول الشر عليهم ، وليعفو الله عنه ، ويكون أجره على ربه الكريم ، لا على العبد الفقير ، كما قال تعالى : { فمن عفا وأصلح فأجره على الله } .
ثم ذكر حالة أعم من غيرها ، وأحسن وأعلى وأجل ، وهي الإحسان ، فقال [تعالى]: { والله يحب المحسنين } والإحسان نوعان: الإحسان في عبادة الخالق. [والإحسان إلى المخلوق، فالإحسان في عبادة . فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " وأما الإحسان إلى المخلوق ، فهو إيصال النفع الديني والدنيوي إليهم ، ودفع الشر الديني والدنيوي عنهم ، فيدخل في ذلك أمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر، وتعليم جاهلهم ، ووعظ غافلهم ، والنصيحة لعامتهم وخاصتهم ، والسعي في جمع كلمتهم ، وإيصال الصدقات والنفقات الواجبة والمستحبة إليهم، على اختلاف أحوالهم وتباين أوصافهم ، فيدخل في ذلك بذل الندى وكف الأذى ، واحتمال الأذى ، كما وصف الله به المتقين في هذه الآيات ، فمن قام بهذه الأمور، فقد قام بحق الله وحق عبيده .(29)
وقال صلى الله عليه وسلم : " إنَّ الله تعالى اختار لكم الإسلام ديناً ، فأكرِمُوه بحسْن الخُلُق والسَّخاء ؛ فإنَّه لا يكمل إلاَّ بهما " ، وقال عليه الصلاة والسلام : " حُسْنُ الخُلُق ، وحُسْنُ الجوار يَعْمُران الدَّيار ويزيدان في الأعمار " ، وقال عليه الصلاة والسلام : " أحبُّكم إليَّ أحاسنكم أخلاقاً ، الموطَّؤون أكنافاً ، الذين يألفون ويُؤْلفون " . (30)
كما أن لعلماء المسلمين إسهامات واضحة في التعامل مع مشكلة الغضب ، وذلك من خلال كلامهم في الأدب وحُسْن الحُلُق ، فعلى سبيل المثال اهتم الإمام أبي حامد الغزالي في كتابه النفيس ( إحياء علوم الدين ) بالأخلاق والأدب ، كما أن ابن رجب قد أولى اهتمامه أيضاً في كتابه القيّم ( جامع العلوم والحكم ) في الأخلاق والأدب ، وابن مفلح المقدسي في كتابه الشهير ( الآداب الشرعية ) ركز على الأخلاق ومحاسنها ، وغيرهم الكثير من علماء المسلمين الذين كان لهم السبق في الحديث عن مشكلة الغضب وكيفية كبح جماح الغضب مستندين بذلك على القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة . وفي ثنايا المبحث ستكون هناك وقفات علاجية من خلال ما قاله علماء السلف رحمهم الله تعالى .
أولاً – الإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم .
قال تعالى : { وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } (31)
وعن سليمان بن صرد قال : " كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبان فأحدهما احمر وجهه وانتفخت أوداجه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد . فقالوا له إن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعوذ بالله من الشيطان فقال وهل بي جنون . (32)
فهذا هو العلاج الأول ، أن يستعيذ المسلم بالله تعالى من الشيطان الرجيم ، حتى لا يترك له مجال أن يمتلكه الغضب .
ثانياً – تغيير الحال .
عن أبي ذر قال : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا : إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع " . (33)
ويقول ابن رجب : " إن المعنى في هذا أن القائم متهيئ للانتقام ، والجالس دونه في ذلك ، والمضطجع أبعد عنه ، فأمره بالتباعد عن حالة الانتقام " . (34)
ثالثاً – السكوت .
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا غضب أحدكم فليسكت " قالها ثلاثاً . وهذا أيضاً دواء عظيم للغضب ، لأن الغضبان يصدر منه حال غضبه من القول ما يندم عليه في حال زوال غضبه كثيراً من السباب وغيره مما يعظم ضرره ، فإذا سكت زال هذا الشرّ كله عنه .(35)
رابعاً – الوضوء .
عن عطية السعدي قال :" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ " (36)
خامساً – استحضار وصايا النبي صلى الله عليه وسلم .
وهنا تجدر الإشارة إلى أهمية استحضار وصايا النبي عليه الصلاة والسلام حينما يشعر الإنسان أن الغضب سيتملكه .
ومنها عندما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الغضب ، وذلك كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه : أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني ، قال :" لا تغضب ، فردد مراراً ، قال : لا تغضب ". (37)
فهنا وقفة تأمل عظيمة ، حيث أنه من المعلوم أن لُب المشاكل تكمن في الغضب ، فجأت وصيته عليه الصلاة والسلام بعدم الغضب ؛ بقوله " لا تغضب " لما فيها من وصية عظيمة ، من أخذ بها ووضعها نُصْبَ عينيه لن يجد له الغضب طريقا ، وهذا ما يجب على الآباء أن يغرسوه في نفوس الأبناء فيكون لهم وجاء بيد الله تعالى .
كما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ليس الشديد بالصُرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) (38)
فمن تأمل قول النبي عليه الصلاة والسلام لوجد أن الشديد والقوي هو من يملك نفسه عند الغضب ؛ ليصونها من الوقوع في الرذائل والفحش من القول أو العمل ، فتجد الرجل يغضب ويحتد غضبه فينجم عن ذلك أن يصرع الذي أمامه ويزج به في السجون ويُقتص منه ، أو يطلق زوجته ويُضيّعَ ويُشتِتَ عِياَله ، وربما تلفظ على خصمه وقذفه وطعن في شرفه فيُقتصُ منه ، وفي المحصلة النهائية يكون قد خسر في الدنيا والآخرة .
ومما سبق تجدر الإشارة إلى أهمية استشعار واستحضار الوصايا النبوية الكريمة والتي تعتبر المنهج القويم لكبح جماح الغضب والتغلب على الشيطان الرجيم . 
المبحث الخامس : أدوار وسائط التربية في التوعية والعلاج
أولاً – الأسرة .
هي الحاضن الأول للفرد منذ ولادته حتى يصير قادراً على تحمل مسئوليته خارج نطاقها .
فعلى الآباء أن يكونوا قدوة صالحة لأبنائهم ، فيجب عليهم تهيئة الجو الهادئ الخالي من الصخب والضجر ، ولا يكون النقاش بين أفرادها نقاشاً حاداً يشوبه اختلاف في وجهات النظر بشكل دائم وبدون احترام متبادل بين أفرادها ، فبذلك سيسود الجو الغاضب في الأسرة ، فينتقل من الآباء إلى الأبناء تدريجياً .
فعندما يستشعر الآباء عظم مسئوليتهم تجاه الأبناء سيسعون إلى إيجاد البيئة والمناخ المناسب للجميع ليعيشوا الجو الأسري الطبيعي والهادئ والذي يتسم بالمحبة والتفاهم والنقاش الهادف المصحوب بالاحترام المتبادل بين أفرادها .
يقول كارل سيميلروث : " ينشأ الغضب من الرغبة في السيطرة ، يقع العديد من الآباء والأمهات فريسة حب محاولاتهم السيطرة على أولادهم ، وهم إذ يحاولون ذلك يملؤون بيوتهم بالتفاعلات الغاضبة ، وحين يحدث ذلك يصبح الوالدان أكثر إحباطاً وبؤساً ، ويصبح الأولاد أكثر ابتعاداً وغالباً خارج السيطرة " (39)  
ومما سبق يتجلى لنا أهمية الدور الذي تشغله الأسرة تجاه تربية الأبناء وتشكيل شخصياتهم أهي شخصيات غاضبة ؟ أم شخصيات هادئة ؟
ومن التطبيقات المناسبة على مستوى الأسرة :
1-   اختيار بعضاً من كتب السلف الصالح التي تعالج مشكلة الغضب ( مثل كتاب إحياء علوم الدين ، أدب الدنيا والدين ، جامع العلوم والحكم ، ... ) ومناقشتها مع أفراد الأسرة مع المشاركة الجماعية حول القضية الرئيسية .
2-   الاطلاع على بعض الكتب المعاصرة التي تعتني بجانب التنمية البشرية فهي تولي اهتماماً بمشكلة الغضب .
3-   متابعة محاضرة عن الغضب ووسائل علاجه في المنزل أو في قاعة محاضرات .
4-   أن تكون هناك حوافز مادية ومعنوية للأبناء الأقل غضباً .
5-   لا تخلو البيوت من الخلافات الزوجية ، فمن الواجب عدم إقحام الأبناء في تلك الخلافات لا من قريب أو بعيد .
6-   تعويد الأبناء على مبدأ التسامح والإخاء بين أفراد الأسرة وبالتالي ينعكس خارج المنزل .
7-   الأخذ بمبدأ العلم بالتعلم والحلم بالتحلم .
8-   على الوالدين أن لا يتأثرا بالضغوط الحياتية سواء في المنزل أو في العمل أو على مستوى العائلة في معاملتهم لأبنائهم .

ثانياً – المدرسة .
إن المدرسة هي البيئة الصناعية ، التي خلقها التطور الاجتماعي ، لكي يمر فيها الطفل ، بحيث يصبح بعد ذلك معداً إعداداً صالحاً للحياة الاجتماعية ، أي أن المدرسة حلقة متوسطة ، يمر فيها الطفل في دور يقع عادة بين مرحلة الطفولة الأولى التي يقضيها الطفل في منزله ؛ ومرحلة اكتمال نموه ،التي يضطلع فيها بمسئولياته في المجتمع . ويجب أن يراعى في جو المدرسة أن يكون أنموذجاً صالحاً لجو المجتمع . (40)
ويتضح مما سبق أن المدرسة تلعب دوراً كبيراً ومهماً في تشكيل شخصية الفرد ، وذلك لأنها المحضن الثاني بعد الأسرة ، فما لم يتعلمه في الأسرة سيتعلمه داخل المدرسة .
وفي المدرسة ستكون المسئولية على عاتق المعلم ، فهو الذي سيعزز أو يعدل سلوك الطالب ، وعلى المعلم أن يكون القدوة الصالحة داخل المدرسة ، وعليه أن يتحلى بالصبر في تعليم طلابه ويكون هادئ الطبع والمزاج .
ويجب على المعلم أن يغرس في نفوس طلابه مبدأ التسامح والإخاء فيما بينهم ، ويحثهم على كظم الغيظ ، والصبر عند الشدائد ، والعفو والصفح عن الآخرين .
ومن التطبيقات المناسبة على مستوى المدرسة :
1-   إقامة المحاضرات والندوات التي تعالج مشكلة الغضب وتوضح للطلاب أفضل الطرق لكبح جماح الغضب .
2-   عرض مواد علمية مصورة تهدف إلى الحد من مشكلة الغضب بين الطلاب .
3-   تعليق الملصقات وتوزيع النشرات التي تهدف إلى زيادة الوعي نحو خطورة تملك الغضب عقل الإنسان وما يعتريه من أضرار .
4-   تكريم الطلاب الذين يتمتعون بالحلم والأناة تعزيزاً لهم ؛ وتحفيزاً لغيرهم .
5-   مشاركة رائد التوعية الإسلامية في الإذاعة أو بعد الصلاة لعرض مقتطفات سريعة عن مشكلة الغضب وكيفية الحد منها .
6-   إقامة بعض المسرحيات داخل المدرسة والتي تعالج مشكلة الغضب وتهدف إلى نشر ثقافة التحكم في الغضب .
7-    أن يكون هناك تفعيل للمشاركة المجتمعية من قبل المدرسة فلا ضير من إقامة المحاضرات والندوات داخل المدرسة واستدعاء أوليا الأمور لتعم الفائدة ، أو إقامة هذه المحاضرات في مركز الحي أو مسجد الحي .
8-   أن يستغل المعلم أوقات فراغ الطلاب أثناء اليوم الدراسي وذلك بارتيادهم المكتبة وقراءة ما يفيد عن الغضب وتأثيره على السلوك .

ثالثاً – المجتمع .
إن المجتمع مكون من الأسر والأسر تتكون من الأفراد ، لذلك يكون أساس المجتمع هو الفرد ، فإن صلح الأفراد صلح بالتالي المجتمع ، ولا شك أن المجتمع له كيانه ونظامه الذي يقوم عليه ، كما أن لكل مجتمع ثقافته ، وهذه الثقافة تؤثر على الفرد وتتأثر بالفرد .
ويقول كفافي وزميله : " أن الأطر الثقافية المتباينة وأساليب التنشئة الاجتماعية المتبعة في المجتمعات عربية كانت أم أجنبية لها دور لا يستهان به في طريقة تعبير الفرد عن غضبه ، كما أنها تتضمن فاعليات تحث الفرد على كيفية ضبط غضبه وكبح جماحه أو التعبير عنه بشكل صريح ومباشر "
وقد أثبتت الدراسات أن اليابانيين لهم قدرة هائلة على ضبط الغضب وكبح جماحه على الرغم من تعرضهم إلى معاناة واضطرابات فيزيولوجية ( التشنجات العضلية ، ضغط الدم ، اضطرابات في المعدة ) وبالمقارنة بين الأمريكيين والأوروبيين ؛ كان الأمريكيين أكثر ضبطاً للغضب من الأوروبيين ، وذلك يعود إلى طبيعة الثقافة اليابانية والقوالب الاجتماعية وطبيعة التنشئة الاجتماعية السائدة في الثقافات الثلاث، وفي دراسة أخرى وجد أن الصينيين يميلون إلى كبح غضبهم عن غيرهم من الأفراد في المجتمعات الأوروبية والتي تميل إلى التعبير عن غضبها بشكل مباشر، وفسرت تلك النتائج على أن الشعب الصيني يميل إلى السلم في علاقاته الاجتماعية . (41) ولكل مجتمع مؤسساته المختلفة : التعليمية ، الاقتصادية ، الخدمية ، الإعلامية ،.... فكلاً له دوره في تشكيل المجتمع وتطويره .
وتتكامل العلاقة بين الأسرة والمدرسة والمجتمع ، فتكون الأسرة الحاضن الأول للفرد ، ثم تكون المدرسة الحاضن الثاني للفرد ليتمكن هذا الفرد من الانسجام والانخراط في المجتمع ، وصلاح المجتمع يكون ثمرة لجهود الأسرة والمدرسة .
ومن التطبيقات المناسبة على مستوى المجتمع :
1-   تفعيل دور المؤسسات الإعلامية بالمجتمع لإثراء الأفراد بالمعلومات اللازمة لتفهم مشكلة الغضب والتعرف على طرق العلاج .
2-   الدور الكبير الذي تلعبه مراكز الأحياء ، فيجب أن تولي اهتماماً بتثقيف وتوعية أبناء المجتمع بمشكلة الغضب وعلاجه .
3-   مساهمة ومشاركة المؤسسات الاقتصادية في بناء الوعي بمضار الغضب بين أفراد المجتمع .
4-   مشاركة الأطباء في مراكز الأحياء لتوضيح مخاطر الغضب على الصحة الجسمية والنفسية .
5-   التعاون بين المدرسة ومراكز الأحياء بصورة تكاملية بحيث يكون هناك تنسيق للمحاضرات والندوات التي تقدمها المدرسة لأفراد المجتمع من غير رواد المدارس .
6-   استغلال بعض المناسبات والمحافل سواء في الأسواق أو أماكن التجمعات فيكون هناك تثقيف وتدريب مباشر وغير مباشر .
7-   عدم إغفال الأندية الرياضية وما تقدمه من خدمات للمجتمع لو أُحسن تفعيلها فالعديد من الشباب لديه هوس وحُب مُفرط لبعض لاعبي الأندية الرياضية وأحياناً تقليد أعمى ؛ وهذه فرصة سانحة لأن يقدم بعض لاعبي الأندية الرياضية بعضاً من النصائح للشباب تمكنهم من كبح جماح الغضب .
8-   لا يُغفل الدور الهام الذي تمارسه الجمعيات الخيرية في المجتمع ، فلا بد لها من المساهمة في تثقيف وتوعية أفراد المجتمع بمخاطر واضرار الغضب وكبح جماحه .
نتائج الدراسة :
أسفرت الدراسة عن النتائج التالية :
1-   أهمية تربية الأبناء على تعاليم الدين الإسلامي الحنيف .
2-   الرجوع إلى كتب السيرة النبوية لمعرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع كافة البشر .
3-   الاطلاع على كتب السلف الصالح والاستئناس بما ورد فيها من آداب وفن في التعامل .
4-   مصادر التربية الإسلامية غنية بنماذج اقتدت بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في أخلاقها وتعاملها .
5-   ضرورة توفر مكتبة كتب إسلامية في كل منزل .
6-   التعرف على مسببات الغضب لاجتنابها .
7-   الوقوف على أفضل الطرق لكبح جماح الغضب .
8-   أن نأخذ بمبدأ هام جداً قد قاله النبي عليه الصلاة والسلام ، وقد أخذه الغرب منا الآن وهو مبدأ " لا تغضب " .
9-   معرفة درجات الناس عند الغضب .
10-                      الغضب أنواع فمنه المحمود ومنه المذموم .
11-                      الوقوف على أبرز وأهم أدوار وسائط التربية .
12-                      وضع تطبيقات تربوية داخل الأسرة ، والمدرسة ، والمجتمع .  
التوصيات :
1-   الأخذ بمبدأ هام جداً ، قد قاله عليه الصلاة والسلام وهو : " لا تغضب " .
2-   عند الغضب يجب استحضار الصورة الذهنية لوصية النبي صلى الله عليه وسلم وهي : " لا تغضب " .
3-   استحضار الوصايا النبوية لكبح جماح الغضب .
4-   العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ، مبدأ مهم في تربية الأبناء .
5-   تربية الذات والأبناء على الصبر عند الشدائد ، وكظم الغيظ ، والعفو عند المقدرة .
6-   الرجوع إلى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة في تربية النفس وتطهيرها .
7-   الاستفادة من الكتب الإسلامية الموروثة من علمائنا الأجلاء .
8-   إعداد برامج متخصصة لتوعية الأفراد في كبح جماح الغضب .
9-   إعداد دراسات ميدانية لمعرفة مستوى الغضب لدى كافة شرائح المجتمع لوضع برامج إرشادية وعلاجية .
10-                   عدم إغفال الكتب المعاصرة وخصوصاً الأجنبية منها لطالما أردنا بها الارتقاء بكافة أفراد مجتمعاتنا المسلمة مع مراعاة موائمتها مع تعاليم الدين الحنيف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- البخاري .صحيح البخاري ،(كتاب الأدب) ، باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله تعالى ،  ج 4 ، ص112، رقم 6115.
(2)- ذوقان عبيدات،وآخرون،البحث العلمي مفهومه أدواته أساليبه،ص 187.
(3)- عبدالرحمن صالح عبدالله،البحث التربوي وكتابة الرسائل الجامعية،ص 71.
(4)- عبدالوهاب إبراهيم أبوسليمان،كتابة البحث العلمي:صياغة جديدة،ص 33.
(5)- ابن منظور ، لسان العرب ، ص 3262 .
(6)- ابن منظور ، (( المصدر السابق )) ، ص 3327 .
(7)- ابن منظور ، (( المصدر السابق )) ، ص 1964 .
(8)- ابن منظور ، (( المصدر السابق )) ، ص 824 .
(9)-  أبي حامد الغزالي ، إحياء علوم الدين ، ج 3 ، ص 155 .
(10)- ابن رجب ، جامع العلوم والحكم ، ص 369 .
(11)- مجمع اللغة العربية : معجم علم النفس والتربية ، ص 14 .
(12)- جميل صليبا : علم النفس ، ص 257 .
(13)- محمد عزالدين توفيق : التأصيل الإسلامي للدراسات النفسية البحث في النفس الإنسانية والمنظور الإسلامي، ص 378.
(14)- ابن منظور ، (( المصدر السابق )) ، ص 2073 .
(15)- معجم علم النفس ،  (( المصدر السابق )) ، ص 19 .
(16)- أحمد زكي صالح : علم النفس التربوي ، ص 8 .
(17)- أحمد عزت راجح : أصول علم النفس ، ص 6 .
(18)- عبدالمجيد سيد منصور، وآخرون :علم النفس التربوي ، ص 22.
(19)- خالد حامد الحازمي : أصول التربية الإسلامية ، ص 20.
(20)- الماوردي : أدب الدنيا والدين ، ص 373-377 .  
(21)- نايف أحمد الحمد : الغضب آداب وأحكام ، ص 4 .
(22)- الماوردي(( المصدر السابق )) ، ص 489-490 .
(23)- نايف أحمد الحمد ((المصدر السابق )) ، ص 5 .
(24)- ريتشارد فيللر : مفاتيح إدارة الغضب ، ص 11 .
(25)- صموئيل حبيب : سيكولوجية الغضب ، ص 21 – 26 .
(26)- أبي حامد الغزالي : إحياء علوم الدين ، ص 158- 159 .
(27)- نائلة هاشم الحجاجي : الغضب وكيفية مواجهته ، ص 263 .
(28)- سورة  آل عمران  آية : 134 .
(29)- عبد الرحمن بن ناصر السعدي : تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ، المكتبة الشاملة .
(30)- الماوردي ((المصدر السابق )) ، ص 383-384 .
(31)- سورة الأعراف ، آية : 200 .
(32)- البخاري ((المصدر السابق )) ، حديث رقم 3040 ، المكتبة الشاملة .
(33)- أبي داوود : سنن أبي داوود ، حديث رقم 4151 ، المكتبة الشاملة .
(34)- ابن رجب ((المصدر السابق )) ، ص 365 .
(35)- ابن رجب ((المصدر السابق )) ، ص 366 .
(36)- أبي داوود ((المصدر السابق )) ، حديث رقم4152  .
(37)- البخاري (( المصدر السابق )) ، 6115 .
(38)- البخاري (( المرجع السابق )) ، حديث رقم 5649   
(39)- كارل سيميلروث : عادة الغضب في تربية الأولاد ، ص 14.
(40)- عبدالعزيز القوصي : أسس الصحة النفسية ، ص 225-227 .
(41)- علاء الدين كفافي و مايسة النيال : في سيكولوجية الغضب ، ص 12-13.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر والمراجع :

1-     ابن منظور ، لسان العرب ، دار المعارف ، القاهرة ، ( د.ت ).
2-    أبي الحسن علي محمد الماوردي ، أدب الدنيا والدين ، دار ابن كثير ، بيروت ، الطبعة الخامسة ، 1433هـ .
3-    أبي حامد الغزالي ، إحياء علوم الدين ، دار القلم ، بيروت ، الطبعة الأولى ، (د.ت).
4-    أحمد زكي صالح ، علم النفس التربوي ، مكتبة النهضة المصرية ، مصر ، الطبعة الثامنة ، 1965م .
5-    أحمد عزت راجح ، أصول علم النفس ، الدار القومية ، الإسكندرية ، الطبعة الخامسة ،1963م .
6-    جميل صليبا ، علم النفس ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت ، الطبعة الثالثة ، 1972م.
7-    خالد حامد الحازمي ، أصول التربية الإسلامية ، دار الزمان ، المدينة المنورة ،الطبعة الثالثة ، 1430هـ .
8-      ذوقان عبيدات ، وآخرون ، البحث العلمي مفهومه أدواته أساليبه ، دار الفكر ، عمان ، الطبعة الأولى ، 1987م .
9-      ريتشارد فيللر ، مفاتيح إدارة الغضب ، تقديم هند رشدي ، دار فاروس ، بدون دولة نشر ، الطبعة الأولى ، 2012 .
10-           زين الدين أبي الفرج الشهير بابن رجب جامع العلوم والحكم ، الرسالة ، بيروت ،الطبعة العاشرة ، 1432هـ .
11-  صموئيل حبيب ، سيكولوجية الغضب - لعاطفة التي اسيء فهمها ، دار الثقافة ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، 1994م .
12-           عبدالرحمن صالح عبدالله ، البحث التربوي وكتابة الرسائل الجامعية ، مكتبة الفلاح ، الكويت ، الطبعة الأولى ، 1426هـ .
13-           عبدالعزيز القوصي ، أسس الصحة النفسية ،  مكتبة النهضة المصرية ، مصر ، الطبعة الخامسة ، 1375هـ .
14-           عبدالله محمد اسماعيل البخاري، صحيح البخاري ، دار إحياء التراث ، بيروت ، الطبعة الأولى ، (د.ت).
15-           عبدالمجيد سيد منصور، وآخرون ، علم النفس التربوي ، العبيكان ، الرياض ، الطبعة الخامسة ، 1428هـ .
16-           عبدالوهاب إبراهيم أبو سليمان ، كتابة البحث العلمي صياغة جديدة ، مكتبة الرشد ، الرياض ، الطبعة التاسعة ، 1426هـ .
17-           علاء الدين كفافي ، و مايسة النيال ، في سيكولوجية الغضب ، دار المعرفة الجامعية ، الإسكندرية  ، الطبعة الأولى ، 1429هـ .
18-  كارل سيميلروث ، عادة الغضب في تربية الأولاد ، ترجمة فاطمة عصام صبري ، العبيكان ، الرياض ، الطبعة الثانية ، 1433هـ .
19-  مجمع اللغة العربية ، معجم علم النفس والتربية .
20-  محمد عزالدين توفيق ، التأصيل الإسلامي للدراسات النفسية البحث في النفس الإنسانية والمنظور الإسلامي ، دار السلام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، 1423هـ .
21-           نايف أحمد الحمد ، الغضب آداب وأحكام ، بدون دار نشر ، الرياض ، 1426هـ .
22-           نائلة هاشم الحجاجي ، الغضب وكيفية مواجهته ، مجلة كلية التربية ، جامعة المنصورة ، العدد 72 ، ج 2 ، يناير 2010 .