الاثنين، 18 فبراير 2013

الأسس التربوية في منهج القرآن والسنة .


بسم الله الرحمن الرحيم


الأسس التربوية في منهج القرآن الكريم والسنة النبوية
 

يقال أسسته تأسيساً جعلت له أساساً قال تعالى : { أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله و رضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لايهدي القوم الظالمين } (1) قال القرطبي رحمه الله : { أفمن أسس } أي أصل (2). فالأسس هي الأصول التي ترتكز عليها عملية التربية حتى تتحق أهدافها .

 حيث قال ابن القيم الجوزية رحمه الله ( من أراد علو بنيانه فعليه توثيق أساسه و إحكامه ، وشدة الاعتناء به ، فإن علو البنيان على قدر توثيق الأساس و إحكامه ) . (3)

ويمكن تقسيم الأسس إلى خمسة أقسام وهي :

أولاً / الإيماني ( القوة الإيمانية ) :

من نشأ على الإيمان الصحيح آثر طاعة الله عزوجل على ما سواه وأصبحت أعماله وأقواله الصادرة منه لا تتنافى مع ما أمر الله به ونهى عنه عزوجل .

ومن نشأ على تقوى الله تعالى أحس بثمرته كما قال تعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا (2) ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) . (4) 

و قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ) . (5)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)  سورة التوبة آية : ( 109)
(2) ( الجامع لأحكام القرآن – أبوعبدالله محمد احمد القرطبي – دار الكتب العلمية – ط1 – بيروت – 1408 هـ - جزء : 8 – ص : 167 )
(3) ( الفوائد – ابن قيم الجوزية – تحقيق عبدالسلام شاهين – دار الكتب العلمية – بيروت – 1408هـ - ص : 175 )
(4)  سورة الطلاق آية : (2-3)
(5) ( سنن أبي داود- أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السَِّجِسْتاني  موقع الإسلام –جزء : 12 – ص : 292 )

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثانياً /  ( الأخلاقي ) اعتياد الفضائل:

العادة في الدلالة اللغوية هي : اسم لتكرار الفعل والانفعال حتى يصير ذلك سهلاً تعاطيه ، كالطبع ، ولذلك قيل العادة طبيعة ثانية . (1)

والعادة في الاصطلاح هي : ميل نفسي مكتسب بالتكرار والخبرة للقيام بذات الأعمال السلوكية بحيث يقوم بها الإنسان بطريقة آلية عفوية إلى حد بعيد ويطمئن لها الفرد . (2)

والعادة في سلوك الإنسان قسمين : عادة محمودة وعادة سيئة ، وكل ما أقره الشرع محمود وما نهى عنه سيء مذموم .

ثالثاً / ( الاجتماعي ) قبول الحق وعدم الاستنكاف والتكبر :

الاستنكاف مأخوذ من أصل الفعل نكف ، ويقال نكفت من كذا واستنكفت منه : آنفت .       قال تعالى ( لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله و لا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا ) . (3)

 و الكبر : هو الحالة التي يرى فيها الإنسان نفسه أكبر من غيره .

والتكبر والاستنكاف طريق المهالك لأنه يصرف المرء عن قبول الحق لا سيما إذا كان الدال عليه أقل منه مكانة أو سناً .

فإذا ربي المتربي على قبول الحق وعدم التكبر والاستنكاف فإنه يكون وعاء صالحا لقبول كل توجيه فاضل ، وقابلا للتربية والتنشئة الصالحة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   ( المفردات في غريب القرآن – أبي القاسم الحسين محمد الراغب الأصفهاني  تحقيق محمد سعيد كيلاني – دار المعرفة – بيروت – ص : 352 )
(2)  ( المرشد في علم النفس – عبدالحميد الهاشمي – ص : 120 )
(3)  سورة النساء آية : (172)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رابعاً / ( النفسي ) مجاهدة النفس ومحاسبتها :

ويكون مجاهدة النفس وحملها على أن تتعلم أمور الدين وتعمل بها و تُعلمها ويصرفها عن هواها ، فالنفس تميل إلى الهوى و تستهويها الشهوات فيجب إلزامها ترك ما تهوى مما نهى الله عنه و إلزامها ما أمر الله به .

وقال القرطبي : أن جهاد النفس من أعظم أنواع الجهاد ، حتى قيل فيه إنه الجهاد الأكبر .(1)

ومجاهدة النفس ومحاسبتها تحتاج إلى إمساك الجوارح عن معصية الله تعالى كمنع العين عن رؤية المحرم وإمساك اللسان عن قول السوء والكف عن الإسراف المذموم .

خامساً / ( الفكري ) سلامة التفكير :

إن الفرد الذي يقيس الأمور ويزنها بميزان الإسلام ويميز الخبيث من الطيب والصالح من الطالح ويقيم الأمور حسب نتائجها قبل أن يقدم عليها ، سوف يبتعد عن الرذائل و يفعل الفضائل .

وأخيراً يتضح لنا مما سبق الأسس التربوية في القرآن والسنة فكل ذلك جاء من ما أمر به الله عزوجل في القرآن الكريم و حث عليه النبي الكريم في السنة النبوية لإتباعه وتحقيقه للفوز به في الدارين وتجنب ما نهى الله عنه في القرآن الكريم و النبي الأمين في سنته الشريفة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ( الجامع لأحكام القرآن – أبوعبدالله محمد احمد القرطبي – دار الكتب العلمية – ط1 – بيروت – 1408 هـ - جزء : 13 – ص : 242 )

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق