الأحد، 17 فبراير 2013

الإدارة التربوية - التخطيط -


بسم الله الرحمن الرحيم      

التخطيط

أولاً / نشأة التخطيط :

التخطيط عملية مارستها الجماعات والمجتمعات البشرية منذ القدم بأشكال وأنماط بدائية مختلفة بحسب مقتضيات الواقع والظروف ، لمواجهة الكوارث والتحديات تحت مسميات التدبير والتوقع والحيطة إلى ما شابه ذلك ، وفي عصر النهضة دعا المفكر الإنجليزي   ( موريس دوب ) (1709 – 1751 م ) إلى ضرورة أن تأخذ الدولة بالتخطيط المحكم والعملي لإحداث التقدم في المجالات المختلفة . بعد ذلك ظهر التخطيط بمعناه العلمي في الاتحاد السوفيتي السابق كأسلوب جديد للتيسير الاقتصادي والاجتماعي مما أدى إلى وضع الخطط التي تعالج الاقتصاد القومي بكليته وعموميته وكانت خطة الاتحاد السوفيتي عام 1930 م ولمدة 15 عاماً لإمداد روسيا بالكهرباء أول خطوة عالمية للتطور بعيد المدى . أما الغرب عند تعرضهم لأزمة الكساد العالمي في الثلاثينيات اتجهوا إلى التخطيط لإنقاذ شركاتهم من الانهيار الاقتصادي .

أما تخطيط التربية فقد كان أكثر سبقاً و وضوحاً في جوانبه العملية والعلمية من التخطيط العام حيث أن الصين القديمة وضعت خطط المجتمع لإيجاد الإداريين والموظفين ، و ما ذكره أفلاطون في جمهوريته يعد نوعاً من التخطيط التعليمي وغيره من الفلاسفة والمصلحين الاجتماعيين .

و التخطيط التعليمي بمفهومه الحديث يرجع إلى التجربة السوفيتية في التخطيط العام وانبثق عنه التخطيط لمحو الأمية وتعميم التعليم ، فأخذ التخطيط يتطور عبر السنوات الماضية حتى وقتنا الحاضر  (1) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)خالد عبدالله دهيش و عبدالرحمن سليمان الشلاش و سامي عبدالسميع رضوان:الإدارة والتخطيط التربوي :أسس نظرية وتطبيقات عملية،الرياض،مكتبة الرشد،ط3،1428هـ

 

 

 

ثانياً / معنى التخطيط :

يعد التخطيط نشاطاً لكل زمان ومكان ، يشارك فيه الأفراد والهيئات والمجتمعات والأمم ، فهو يسعى لتحقيق العديد من الأهداف عن طريق العديد من الوسائل معتمداً على ما يتم تخطيطه ، ومن الذي يقوم بالتخطيط ؟ وما الافتراضات التي تم وضعها حول سياق التخطيط وقيوده ؟ .

أما المعنى الاصطلاحي للتخطيط فقد تعددت تعريفاته وتنوعت للأسباب التالية :

1 / اختلاف المعنى باختلاف نوع التخطيط وميدانه وعمليات النشاط الاقتصادي الاجتماعي .

2 / اختلاف تخصص الباحثين وخلفياتهم العلمية .

3 / تنوع مداخل التخطيط واستراتيجيات تنفيذه .

4 / تعدد وتداخل العمليات و الإجراءات التي يتطلبها التخطيط .

فالتخطيط من وجهة نظر البعض هو " العملية المنظمة التي تستخدم المنهج العلمي في اختيار أفضل البدائل لتحقيق أهداف معينة " (1) .

وقيل أنه " عملية ترتيب الأولويات في ضوء الإمكانات البشرية والمادية المتاحة " (2) .

وقيل أنه " الأسلوب العلمي للربط بين الأهداف والوسائل المستخدمة لتحقيقها ورسم معالم الطريق الذي يحدد جميع السياسات والقرارات وكيفية تنفيذها " (3) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) محمد سلطان أبو على وهناء خير الدين:أصول علم الاقتصاد:النظرية والتطبيق:القاهرة:المطبعة الفنية الحديثة ،ط1 ،1982،ص(517-518).

(2) محمد منير مرسي:الإدارة التعليمية:أصولها وتطبيقاتها،القاهرة :عالم الكتب ،1989،ص ( 239 ) .

(3)عبدالكريم درويش وليلى تكلا : أصول الإدارة العامة : القاهرة:الأنجلو المصرية ،1980،ص( 277 ) .

 

 

وقيل أنه " عملية صنع اختيارات فنية عقلانية أو مصفوفة من القرارات المرتبطة بطريقة نظامية والمتعاقبة والمعتمدة على بعضها البعض " (1) .

كما قيل أنه " عمل ذهني مقصود ومحاولة علمية مرشدة من الفرد والمجتمع لاستثمار ما يتوافر لهما من موارد وطاقات لتحقيق أهداف معينة في فترة زمنية معلومة وفي ظــل مقومات وأفكــــار اجتماعية وبأقل التكاليف الممكنـــــة "  (2) .

ويقول ( فايول )  " أن التخطيط  في الواقع يشمل التنبؤ بما سيكون عليه المستقبل مع الاستعداد لهذا المستقبل " .

ويقول ( هايمان و هيلجرت ) " أنه الوظيفة الإدارية التي تتضمن تقرير ما يجب عمله مقدماً فالتخطيط يتضمن تقرير الأهداف والسياسات والإجراءات وغير ذلك من الخطط التي يتطلبها تحقيق أهداف المؤسسة " .

ويقول ( إبراهيم مطاوع ) " التخطيط عملية تحديد الإطار العام للأعمال المطلوبة أو الأغراض المنشودة وكذلك الوسائل اللازمة لتنفيذها في سبيل تحقيق الأهداف " (3) .

ويقول ( سليمان الحقيل ) " التخطيط في أبسط صورة تصور ماذا سوف نعمله مستقبلاً من أجل تحقيق أهداف معلنة مسبقاً "  (4) .

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) صلاح عبدالحميد وفدوى  فاروق :الإدارة والتخطيط التربوي:مكتبة الرشد،الرياض،1422هـ،ص(143) .

(2) الإدارة والتخطيط التربوي (أسس نظرية وتطبيقات عملية)خالد عبدالله دهيش وأخرون-مكتبة الرشد-بيروت-الطبعة الثانية-1427هـ

(3) الأصول الإدارية للتربية – إبراهيم عصمت مطاوع-أمينة أحمد حسن-دارالشروق-جده-1980م

(4) الإدارة المدرسية وتعبئة قواها البشرية في المملكة – سليمان عبدالرحمن الحقيل – الرياض-1417هـ    

 

 

 

ثالثاً /  التخطيط التعليمي :

تعددت التعريفات حول مفهوم التخطيط التعليمي ومنها :

التخطيط التعليمي " هو طريقة للنظر إلى الحاضر والمستقبل مع الاستخدام الأمثل للمدخلات واقتراح الحلول المبشرة بإنجاز الأهداف المحددة بدقة . لذا فهو ليس هدف في حد ذاته بل وسيلة للوصول إلى الأهداف ".

 وقيل أيضاً " التخطيط التعليمي هو تطبيق عقلاني وتحليل نظامي للعملية التربوية بهدف جعل التربية أكثر كفاءة وفاعلية في الاستجابة لاحتياجات وأهداف طلابها ومجتمعها " .

وقيل " هو ممارسة الحكمة والتبصر في تحديد السياسة و الأوليات والتكاليف بالنسبة للنظام التربوي متضمناً النظرة الشاملة للواقع الاقتصادي والسياسي من أجل النمو المحتمل للنظام ومن أجل احتياجات البلاد والطلاب الذين يخدمهم هذا النظام التربوي " .

وقيل أيضاً  " هو مجموعة من العمليات التكنيكية العقلانية التي تتم على النظام التربوي بهدف تنميته من خلال سلسلة من المراحل المرتبطة والمتداخلة معاً مثل تشخيص النظام التربوي للدولة و الوسائل المتاحة له وتحديد الأهداف و البنية السياسية وحساب المصادر الضرورية واختيار المؤشرات ومشاركة الجماعات المختلفة في المجتمع والمهام الإدارية وتنفيذ الخطة وابتكار برامج للعمل والمشروعات والموازنات والتحكم في تنفيذ الخطة ومراجعة الخطة والتقويم الكلي " .  

ويرى البعض أن التخطيط التعليمي عملية منظمة ومستمرة لتحقيق أهداف مستقبلية بوسائل مناسبة تستند إلى مجموعة من القرارات والإجراءات الرشيدة لبدائل واضحة وفقاً لأولويات مختارة بعناية بهدف تحقيق أقصى استثمار ممكن للموارد والإمكانات المتاحة ولعنصري الزمن والتكلفة كي يصبح نظام التعليم بمراحله الأساسية أكثر كفاية و فاعلية للاستجابة لاحتياجات المتعلمين وتنميتهم الدائمة .(1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) خالد عبدالله دهيش و عبدالرحمن سليمان الشلاش و سامي عبدالسميع رضوان:الإدارة والتخطيط التربوي :أسس نظرية وتطبيقات عملية،الرياض،مكتبة الرشد،ط3،1428هـ

 

 

رابعاً / أهمية التخطيط :

1 / التخطيط يسعى للاستفادة من كافة الموارد والإمكانات المتاحة في المجتمع ، بما في ذلك عنصر الزمن .

2 / يرتبط التخطيط بالمستقبل رصداً وتوجيهاً وتحكماً .

3 / توجد علاقة وثيقة بين التخطيط الشامل للدولة وبين التخطيط للتربية والتعليم .

4 / تدارك العلاقة المتبادلة بين نظام التعليم والكيان المجتمعي الاقتصادي والسياسي .

5 / يتم اختيار أفضل البدائل لتحقيق الأهداف الموضوعة حسب الأولويات .

أما ما يخص أهمية التخطيط التعليمي والمبررات التي دعت للأخذ به كالتالي :

1 / القناعة المتزايدة بالتخطيط وبقيمته في التعامل مع المستقبل واستشرافه .

2 / الحاجة إلى التعامل مع الزيادة في السكان فتعتبر الزيادة السكانية عاملاً أساسياً في زيادة الطلب على التعليم مما يتطلب الأمر إلى التخطيط .

3 / إن التغير المتسارع في التركيب الاقتصادي يحتاج إلى التوجه إلى اقتصاديات المعرفة بحيث يتم إنتاج العقول كمورد اقتصادي مما يحتاج إلى التخطيط التعليمي .

4 / في ظل اقتصاد المعرفة يعتبر التعليم استثماراً بشرياً له عائد ومردود اقتصادي وهناك تكامل بين الاقتصاد والمعرفة مما يتطلب التخطيط التعليمي .

5 / لمواكبة التقدم الحضاري لابد من إتباع منهجية التخطيط التعليمي وتطويره .

6 / الموازنة بين النظام الاقتصادي و النظام التعليمي للمجتمع يكون عن طريق التخطيط التعليمي .

7 / ربط التعليم بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لتنفيذ برامج التنمية يكون عن طريق التخطيط التعليمي .

 

 

 

خامساً / أهداف التخطيط  التعليمي :

 تشتق الأهداف العامة للتخطيط التعليمي من الأهداف العامة للمجتمع وتقسم إلى :

1 / الأهداف الاجتماعية .

    توفير فرص متكافئة للتعليم .

    توفير التعليم المناسب لكل فرد حسب قدراته وإمكاناته .

    توفير احتياجات المجتمع من القوة العاملة اللازمة لتطوره .

    الحفاظ على الجيد من تراث المجتمع وتقاليده .

2 / الأهداف السياسية :

   المحافظة على الكيان السياسي للدولة .

   تنمية روح الولاء للأمة والوطن بين أفراد المجتمع .

   تربية المواطن الصالح .

   زيادة التفاهم والتعاون بين جميع أفراد الشعوب .

3 / الأهداف الاقتصادية :

  مقابلة احتياجات البلاد في المدى القصير والبعيد من القوة العاملة كماً وكيفاً .

  زيادة الكفاية الإنتاجية للفرد وزيادة قدرته على التحرك الوظيفي بسهولة من مهنة  لأخرى تبعاً للظروف .

  تنشيط البحث العلمي والتقنيات والاستفادة منهما في تطوير الموارد البشرية .

  تنسيق وترشيد سياسة الإنفاق على التعليم .

 

  

 

سادساً / شروط الخطة الجيدة :

1 / الواقعية :

 تناسب الإمكانات المتاحة والممكنة مع الآمال والأهداف المنشودة بمعنى وضع أهداف واستراتيجيات تنفذ الخطة في ضوء الإمكانات والموارد المتاحة .

2 / الشمول :

 أن يكون للخطة السيطرة والتوجيه على كافة الموارد المتاحة لضمان تحقيق التناسق والتكامل بين القرارات والسياسات التخطيطية مما يكفل النمو المتوازن .

3 / المرونة :

 القدرة على مواجهة الظروف الطارئة والاحتمالات التي تظهر أثناء التنفيذ مثل           ( الكوارث ،  والزلازل ...) .

4 / الاستمرارية :

 الربط العضوي بين مختلف عمليات التخطيط وبين ما سبقها من خطط حيث تعتبر الخطة الحالية مكملة لها وبين ما يتبعها من خطط قادمة .

5 / الإلزام :

 اعتبار الخطة برنامج عمل لكافة الوحدات والأفراد على مختلف مستوياتهم بحيث تصبح ملزمة التنفيذ .

6 / مركزية التخطيط و لا مركزية التنفيذ :

أن يتولى الجهاز المركزي للتخطيط إقرار الخطة بصياغتها النهائية واتخاذ القرارات الأساسية لوضعها موضع التنفيذ ، ولا مركزية التنفيذ يقصد بها أن تولي الجهة المنفذة تحقيق الخطة وفق الأهداف والإجراءات والزمن المحدد .

7 / الشراكة :

 تحقيق الشراكة الحكومية والشعبية كشرط أساسي لضمان نجاح الخطة .

 

8 / التنسيق :

 تكامل المفردات الداخلية للخطة والتنسيق ما بين الأهداف والوسائل والإستراتيجيات اللازمة للتنفيذ .

9 / سهولة التنفيذ والمتابعة :

 يجب ترجمة الخطة إلى إجراءات وخطط أكثر تفصيلاً ثم تسند إلى جهاز إداري كفء مع توضيح المسئوليات وسبل التنفيذ وبعد ذلك تكون الرقابة المستمرة لإمكانية التعديل وتوجيه المسار .

 سابعاً / أنواع التخطيط :

1 / التخطيط الشامل ( الرئيسي ) على مستوى الإدارات العليا .

2 / التخطيط الفرعي ، على مستوى الإدارات الدنيا .

3 / التخطيط طويل المدى ، سنة فأكثر .

4 / التخطيط قصير المدى ، أقل من سنة .

ثامناً / مراحل التخطيط :

1 / مرحلة التحضير والإعداد .

2 / مرحلة تحديد أهداف الخطة .

3 / مرحلة وضع إطار الخطة .

4 / مرحلة إقرار الخطة .

5 / مرحلة التنفيذ .

6 / مرحلة المتابعة والتقويم .

 

إعداد / سلطان عبدالرؤف حلمي . الشعبة الأولى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق