الأحد، 5 مارس 2023

وصية تربوية – قراءة وتحليل (آداب المتعلم والمعلم) الإمام العزالي

 

وصية تربوية – قراءة وتحليل

 

إن التراث التربوي الإسلامي زاخر بأقوال وتوجيهات ووصايا العلماء التي من شأنها أن تعين المتعلمين على اكتساب الآداب اللازمة المعينة في العملية التربوية والتعليمية.

حيث أورد الغزالي رحمه الله في باب آداب المتعلم والمعلم عشر وصايا للمتعلم، وتم اختيار الوصية الثالثة.

وجاء فيها: "أن لا يتكبر على العلم ولا يتآمر على معلم بل يلقي إليه زمام أمره بالكلية في كل تفصيل ويذعن لنصيحته إذعان المريض الجاهل للطبيب المشفق الحاذق. وينبغي أن يتواضع لمعلمه ويطلب الثواب والشرف بخدمته"

إحياء علوم الدين – الغزالي – دار القلم – بيروت – ج1 – ص 49

يرى الغزالي رحمه الله أن على المتعلم أن يتواضع للعلم ولا يتكبر على أي علم من العلوم، وأبواب التواضع كثيرة، فمنها احترام مكان العلم ووقته وأدواته، وأقرانه من المتعلمين.

وكذلك شيخه الذي يعلمه، يتأدب معه الأدب الجم، ويضع شيخه في مكانة مرموقة تليق به. ويجب على المتعلم أن لا يصدر أي فعل يضجر منه معلمه، لا همساً أو انشغالاً، ويحرص على أن ينصت له ويوقره ويجله.

وأن لا يتآمر على معلمه سواء بالكذب والمخادعة أو بالتعاون مع أقرانه على المعلم. ويتوجب على المتعلم أن يسلم أمره لمعلمه؛ فهو الأعلم بمصلحته ومنفعته. وأن لا يناقشه أو يتذمر مما يطلبه من تكاليف وغيرها.

ولا يتحدث دون إذن معلمه، وينتقي ما يقول بصوت مسموع دون أن يعلو صوته.

وينصت لما يقول وينقاد إلى نصحه كما ينقاد السقيم الذي أثقل عليه مرضه إلى توجيه الحكيم العارف بشفاء علته.

كما قال أبو العتاهية

وَالصَّمْتُ أجْمَلُ بِالفَتَى   مِنْ مَنْطِقٍ في غَيْرِ حِينِهْ

كُلُّ امْرِئٍ فـــــي نَفْسِهِ   أعلى وأشْرَفُ مِنْ قَرِينِهْ

البيان والتبيين – أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ – المكتبة العصرية – بيروت – 2011م ص 124

وتجدر الإشارة إلى أن المتعلم مهما بلغ من مكانة مرموقة اجتماعياً يجب عليه احترام العلم ومعلمه، ويضع نصب عينيه أنه كلما زاد علماً زانت مكانته وتلألأ حضوره كما قال الشاعر:

تَعَلَّمْ فَلَيْسَ الْمْرْءُ يُوْلَدُ عالِماً     وَلَيْسَ أَخُو عِلْمٍ كَمَنْ هُوَ جاهِلُ

وإِنَّ كبِيرَ الْقَوْمِ لا عِلْمَ عِنْدَهُ     صَغِيرٌ إِذا الْتَفَّتْ عَلَيْهِ المَحَافِلُ

البيان والتبيين – أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ – المكتبة العصرية – بيروت – 2011م ص 135

وما أعظمه من شرف خدمة المتعلم لمعلمه وتوقيره وإجلاله سعياً لطلب الثواب من الله تعالى، فالعلماء هم ورثة الأنبياء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق