الاثنين، 6 مارس 2023

شامل التحديات المعاصرة في التربية

مفهوم التحديات المعاصرة والعلاقة بينها وبين التربية والتعليم

(د. سلطان حلمي)

إن الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وبعد:

للتعرف على التحديات بشكل علمي، يجب أن يتطرق الباحث إلى المعنى اللغوي والاصطلاحي؛ ليتجلى للقارئ فهم المرد بالشكل المطلوب.

التحديات لغة:

تحديات: اسم جمعها تَحَدّ. اِحتدى: فعل، احتدى الشيء: حداه.

https://2u.pw/ETJbE         موقع المعاني

أشار الفراهيدي أن: حَدا يحدو حداً، وأعرفه حُداءً – ممدود – إذا رَجَز الحادي خلف الإِبِلِ، وحَدَا يَحْدُو حَدْواً، إذا تَبِع شيئاً. ويقال: فلان يَتَحَدَّى فلاناً، أي: يُباريه وينازعُهٌ الغَلَبَةَ.

العين – الخليل أحمد الفراهيدي – دار الكتب العلمية – بيروت – ط1 – 1424هـ– ص 296

ويقول ابن فارس: حَدَا بإبله: زجَر بها وغَنَّى لها. ويقال للسهم إذا مرَّ حَداه رِيشُه، وهَدَاه نَصْلُه.

معجم مقاييس اللغة – أبي الحسن أحمد بن فارس بن زكريا – دار الفكر – 1399هـ ص35

يتضح مما سبق أن التحديات في اللغة محاولة للتبعية والغلبة.

التحديات اصطلاحاً:

أشار يالجن إلى أن التحديات هي: محاولات الغربيين ومن سار على نهجهم معارضة ومنازعة ومغالبة الاتجاهات الإسلامية المعاصرة لتأصيل القيم والنظم والتربية والحضارة المعاصرة على الأسس الاعتقادية والتشريعية والقيم الأخلاقية والآداب الاجتماعية الإسلامية.

دور جامعات العالم الإسلامي في مواجهة التحديات المعاصرة – مقداد يالجن – دار عالم الكتب - الرياض – 1424هـ - ط2 – ص21

ويقصد بها: قوى وأوضاع طبيعية أو أمور وأوضاع اجتماعية إنسانية غير مرغوبة ومخالفة لما نعتقده أو نطمح إليه، وتشكل عوائق أمام تحقيق أهدافنا وغاياتنا على مستوى الفرد أو على مستوى الجماعة، وتهدف بعض هذه الأوضاع أو الأمور – في الوقت نفسه – إلى تحقيق الغلبة والهيمنة لها على أوضاعنا وجوانب حياتنا المختلفة، وجعلها تابعة لها.

رسالة التقريب العدد 52 /ذو القعدة وذو الحجة 1426 هـ 2006 م -  عالم الإسلام والتحديات الثقافية أ. د. عزمي طه السيد أحمد,  عميد البحث العلمي - جامعة آل البيت الأردن - ص ص 79، 80

مما سبق يمكن القول أن التحديات هي: محاولات دخيلة على المجتمع الإسلامي تهدف إلى هدم القيم والمبادئ والثقافة الإسلامية شيئاً فشيئاً؛ بغية طمسها واستبدالها بقيم ومبادئ وثقافة غربية.

المعاصرة لغة:

على وزن مفاعلة من العصر

هو الوقت في آخر النهار إلى احمرار الشمس. و- الدَّهْرُ والزَّمَنُ ينسب إلى ملك أو دولة، أو إلى تطوُّرات طبيعية أو اجتماعية؛ يقال: عصرُ الدولة العباسية.

المعجم الوسيط – مجمع اللغة العربية – مكتبة الشروق الدولية – 1425هـ - ط4 - ص 604

قال ابن فارس: العين، والصاد، والراء أصولٌ ثلاثة صحيحة، والعصر هو الدهر. قال الله تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)}.

معجم مقاييس اللغة – أبي الحسن أحمد بن فارس بن زكريا – دار الفكر – 1399هـ ج4 – ص340

فيتضح مما سبق أن المعاصرة هي التي تكون في زمننا هذا – عصرنا الحالي-

المعاصرة اصطلاحاً:

يقول البيضاوي في تفسير (والعصر): "أقسم سبحانه بصلاة العصر لفضلها، أو بعصر النبوة، أو بالدهر لاشتماله على الأعاجيب".

أنوار التنزيل وأسرار التأويل – دار إحياء التراث – بيروت ط1 – ج 5 – ص 336

والمعاصرة: هى المعايشة بالوجدان والسلوك للحاضر والإفادة من كل منجزاته العلمية والفكرية وتسخيرها لخدمة الإنسان ورقيه.

-كتاب موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة - المعاصرة - المكتبة الشاملة الحديثة - ص610

وعلى ذلك يتبين أن المعاصرة هي ما نتعايشه من أوقات وأزمان، فهو الحاضر وما يعتريه من أحداث وتطورات داخل مجتمع ما أو دخيلة من مجتمعات أخرى.

التربية لغة:

وعند تعريف التربية في اللغة فأصلها من مادة  ( ربا )

رَبا الشيءُ يَرْبُو رُبُوّاً ورِباءً: زاد ونما .وأَرْبَيْته: نَمَّيته.

لسان العرب – ابن منظور – دار المعارف – القاهرة - المجلد الثالث – جزء 17 – ص 1572

"ربا الشيء زاد ... ورباه تربية وترباه أي غذاه وهذا لكل ما ينمى كالولد والزرع ونحوه"

القاموس المحيط - الفيروزآبادي - الرسالة ط 8 - 1426هـ 2- ص 595

فالتربية تأخذ مفهوم يشمل النمو والزيادة والتنمية والتغذية الجسدية والروحية، وكل ما من شأنه أن يُمنح للنشأ من الرعاية والاهتمام.

التربية اصطلاحاً:

يشير الراغب الأصفهاني إلى أن : الرب في الأصل التربية وهو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حد التمام.

المفردات في غريب القرآن – أبي القاسم الحسين الأصفهاني – دار المعرفة – لبنان – بدون تاريخ - ص  184

ويقول البيضاوي أن: الرب في الأصل اللغوي بمعنى التربية، وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً.

أصول التربية الإسلامية – خالد حامد الحازمي – دار الزمان – المدينة المنورة - ط2 – 1430هـ  - ص ص 19-20

يتبين أن مفهوم التربية عند السلف الصالح رحمهم الله يقتضي التأسيس والتنشئة تدريجياً شيئاً فشيئاً حتى يبلغ النشأ حد التمام والكمال في مختلف الجوانب.

التعليم لغة:

التعليم في اللغة مشتق من علم

العِلْمُ: العين والام والميم اصلٌ صحيح واحد، يدل أثَرٍ بالشيء يتميَّزُ به عن غيره. والعِلْم: نقيض الجهل، وتعلّمت الشَّيءَ، إذا أخذت علمَه.  

معجم مقاييس اللغة – أبي الحسن أحمد بن فارس بن زكريا – دار الفكر – 1399هـ  ص ص109، 110

العِلْمُ: نَقِيضُ الْجَهْلِ، عَلِمَ عِلْماً، وعَلُمَ هُوَ نَفْسُهُ، وعَلِمْتُ الشَّيءَ أَعْلَمُهُ عِلْماً: عَرَفْتُهُ. 

لسان العرب – ابن منظور – دار المعارف – القاهرة - المجلد الرابع – جزء 31 – ص 3083

مما سبق يظهر أن التعليم هو: العلم ومعرفة الشيء وعدم الجهل به.

التعليم اصطلاحاً:

يعرفه الشرقاوي على أنه: عملية تغير شبه دائم في سلوك الفرد لا يلاحظ بشكل مباشر ولكن يستدل عليه من السلوك الإنساني ويتكون نتيجة الممارسة، كما يظهر في تغير الأداء لدى الكائن الحي.

التعلم نظريات وتطبيقات – أنور محمد الشرقاوي – مكتبة الأنجلو المصرية – 2012م - ص ص 11، 12

وجاء في كتاب لغة التربويين أنه: عملية داخلية مستمرة ينتج عنها قيام الفرد بتعديل مستمر في بنيته الذهنية، وفي اتجاهاته، ومعارفه، ومهاراته، وذلك نتيجة لتراكم الخبرات المقصودة وغير المقصودة.

لغة التربويين – مكتب التربية العربي لدول الخليج – د. عبدالعزيز سعود العمر – الرياض – 1428 هـ - ص 104

أهداف التحديات المعاصرة:

1/ إزالة الهوية الإسلامية من روح الأجيال وشخصياتهم.

2/ إزالة الهوية الإسلامية من حضارتهم ونظمهم وقيمهم.

3/ إشعارهم بعدم قدرتهم على بناء حضارة إسلامية معاصرة تضاهي حضارتهم المتقدمة تقنياً وعلمياً.

4/ إذابة كل المقومات الإسلامية في بوتقة الثقافات والحضارات الغربية.

5/ تمزيق الوحدة الإسلامية وتشتيت شملها.

6/ استعمار عقول المسلمين وأرواحهم بالأنظمة التعليمية والتربوية ومناهجها الغربية.

أبعاد التحديات المعاصرة:

1/ التحديات العقدية أو الاعتقادية.

   يقصد بها محاولة إزاحتها من قلوب المسلمين وحياتهم.

2/ التحديات القيمية أو الأخلاقية.

    محاولة القضاء على القيم الأخلاقية من خلال وسائل مختلفة.

3/ التحديات الحضارية.

    التركيز على الحضارات الغربية، والتغني بالماضي دون التخطيط للمستقبل.

4/ التحديات التنظيمية التشريعية.

    محاولة إبعاد التشريعات وأنها غير صالحة لهذا الزمان.

5/ التحديات التربوية.

     إقحام التربية الغربية من خلال المناهج المستوردة.

6/ التحديات اللغوية.

     محاربة لغة القرآن الكريم وجعل اللغة العالمية لغة مغايرة لها.

7/ التحديات الثقافية.

   محاربة الثقافة الإسلامية وتراثها العريق.

آثار التحديات المعاصرة:

1/ آثار التحديات الاعتقادية.

   ينتج عنه التشكيك والتهاون في العقيدة والسلوكيات المتعلقة بها.

2/ آثار التحديات القيمية والأخلاقية.

   تقليد الغرب في أخلاقهم وعاداتهم والتخلي عن الآداب والأخلاق الإسلامية.

3/ آثار التحديات الحضارية.

 الشعور بالعجز عن بناء حضارة إسلامية معاصرة، والافتتان بحضارة الغرب.

4/ آثار التحديات التشريعية.

  استيراد التشريعات والقوانين والأنظمة الغربية.

5/ آثار التحديات التربوية.

  استعارة نظم التربية والتعليم الغربية.

6/ آثار التحديات اللغوية.

   الاهتمام والاعتزاز باللغات الأجنبية.

7/ آثار التحديات الثقافية.

   إهمال الثقافة الإسلامية والاهتمام بالثقافة الغربية.

إن وظيفة التربية والتعليم الأساسية هي إعداد أجيال صالحة قادرة على تحمل مسئوليات الحياة وتحقيق أهداف المجتمع، ولعل هذا التحدي من وجهة نظر الباحث يعتبر من أخطر التحديات؛ لأن تحقيق أهداف التربية والتعليم تتوافق مع الصلاح والإصلاح للمجتمع.

وضمن هذا التحدي الرئيس، هناك تحديات فرعية متباينة: المعلم، الطالب، الدين، اللغة، مواكبة التقدم العلمي والتقني، التعليم الجامعي.

فالمعلم يجب أن يستشعر مدى أهمية رسالته للمجتمع، فلا يكون التعليم مجرد مهنة، بل رسالة وقدوة صالحة يسعى من خلالها للإصلاح.

والطالب بحاجة إلى أن يتعلم الدين الصحيح ويتأسس على المنهج الإسلامي والسنة النبوية الشريفة، ويمتلك المهارات المتنوعة من التحليل والاستنتاج والتطبيق، وآداب الحوار، واحترام الحقوق، وغيرها الكثير من الأخلاق الإسلامية الفاضلة حتى يصبح صالحاً في مجتمعه.

كما أن اللغة الأم مهمة لكل الأعراق؛ فهي مصدر الاعتزاز والفخر، فالعرب عليهم بتعلم اللغة الفصحى والاعتزاز بها، ثم تأتي اللغات الأخرى من باب الثقافة والإلمام ومواكبة العالم فلا ضير في ذلك.

ولا شك أن مواكبة التطور العلمي والتقني مهمة لكل الأمم؛ حتى لا يكونوا خلف الركب، فهذه المواكبة تسهم في تطور التعليم العام والتعليم الجامعي بما يعود لصالح المجتمع.

التحديات المعاصرة

(إضافة من أ.د. عادل المغذوي )

تمهيد

       إن  طلَبَ العِلم فريضةٌ على كلِّ مسلم ومسلمة، وحاجة أمتنا مواجهة التحديات المعاصرة بالعلم النافع المفيد لطالب العلم ولأمته؛ إذ الحاجة إلى تعلم العلم الضروري الهام للإنسان الذي يريد عبادة الله لا بد أن يكون على علم، فالعلم هو حياةُ القلوب، ونور البصائر، وهو المصباح الذي يُنِير للمؤمن الطريقَ في سَيرِه إلى الله تعالى والدار الآخرة، في كل زمان ومكان، والعلم على اختلافِ أنواعه - سواء كان شرعيًّا أو دنيويًّا - تختلف درجة أهميته بحسب احتياج الفرد إليه.

    ومن الهامِّ والضروريِّ أن تكون التربية الإسلامية للمسلم قائمةً على أُسس، حتى ينشَأَ على محبة العلم والعمل به، ونشره؛ إذ يؤدِّي به إلى الخيرِ، وسعادةِ البشرية أجمعها. وما كان تفضيل الإنسان على سائر المخلوقات إلا بسبب العلم، الذي علمه الله سبحانه وتعالى دون غيره من هذه المخلوقات؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70].

قال ابن كثير: "قوله: ﴿ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾؛ أي: مِن سائر الحيوانات، وأصنافِ المخلوقات. وقد استدل بهذه الآيةِ على أفضلية جنس البشر على جنس الملائكة، قال عبدالرزَّاق: أخبرنا مَعمَر، عن زيد بن أسلم قال: قالت الملائكةُ: يا ربنا، إنك أعطيتَ بني آدم الدنيا، يأكلون منها ويتنعَّمون، ولم تُعطِنا ذلك، فأعطِناه في الآخرة؛ فقال الله: "وعزَّتي وجلالي، لا أجعلُ صالحَ ذريةِ مَن خلقتُ بيديَّ، كمن قلتُ له: كُنْ، فكان"[1].

    ويظهرُ الفضلُ لأهل العلم ومكانتهم ببيان الفَرْق بين الذي يعلَمُ والذي لا يعلَمُ؛ قال الله تعالى: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]، وبالعِلم يتضحُ الفَرْق بين العالم والجاهل؛ قال الله تعالى: ﴿ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الرعد: 19]."فما ثَم إلا عالِمٌ أو أعمى، وقد وصَف اللهُ سبحانه وتعالى أهلَ الجهل بأنهم صُمٌّ بُكم عُمْيٌ"[2].  

مفهوم التحديات

السؤال الرئيس:هل يقصد بالتحديات الصعوبات والعقبات، وهل هي ايجابية أم سلبية ، وما النظرة التربوية والنفسية للتحديات؟

المفهوم المقترح للتحديات:

( هو ذلك الوضع الذي يمثل وجوده أو عدم وجوده تهديداً أو إضعافا أو تشويهاً ، كليا ً أو جزئياً ، دائما ً أو مؤقتاً ، لوجود وضع آخر يراد له الثبات والقوة والاستمرار).

والتحدي من خلال التأمل في معانيه في اللغة: يبرز جانب مهم وهو أن التحدي ليس شرطا أن يكون سلبيا بل يمكن أن يكون التحدي له آثار ايجابية فالتحدي في اللغة من معانيه المبارزة والمبادرة ويلاحظ من ذلك أن التحدي هنا قد أدى إلى تحفيز الذات والقدرات وهذا اثر ايجابي ، فأي صعوبة أو تحدي تواجه الإنسان وتشجعه على المبادرة نوع من أنواع التحدي الايجابي ، ...

النظرة التربوية والنفسية للتحديات:

يجب عند تناول هذه المفهوم أن نبرز جانبين مهمين:

الأول: الآثار التربوية والنفسية للتحديات (جانب التأثر).

الثاني: كيفية تأثير الجوانب التربوية والنفسية في مواجهة التحديات (جانب التأثير).

فالجانب الأول: يقصد به أن للتحديات بعض الآثار التربوية والنفسية على الفرد والمجتمع ومن ابرز هذه التحديات التي تأثر على الجوانب النفسية والتربوية : الغزو الفكري والعولمة ... ويظهر أثرها على شكل : التقليد ، والانبهار ، والانهزامية ، والنظرة الدونية للمجتمع وللفرد.

أما الجانب الآخر: فالتحديات يجب أن تؤثر بها الجوانب التربوية والنفسية من خلال شحذ الهمم لمواجهة هذه التحديات من خلال تفجير طاقات الفرد والمجتمع وصناعة الإبداع وكل ذلك آثار تربوية ونفسية تعمل على مواجهة هذه التحديات من خلال التأثير عليها وليس التأثر بها فقط.

وهنا يبرز سؤال مهم ألا وهو كيف يمكن الربط بين خصائص التربية الإسلامية ومفهوم التحديات بشقيها الإيجابي والسلبي؟

فعلى سبيل المثال نجد أن من خصائص  التربية الإسلامية المرونة والتي من خلالها يمكن تطويع المنجزات الحضارية الحديثة مثل وسائل الاتصال والتقنية من خلال ابتكار الأساليب والأدوات والوسائل للتغلب على هذه التحديات ومواجهتها والاستفادة منها.

أما التحديات بجانبها السلبي مثل الغزو الفكري وحقوق المرأة والتحديات الاقتصادية فيتم علاجها في ضوء خصائص التربية الإسلامية كالتالي:

حقوق المرأة: يمكن للتربية الإسلامية مواجهة مشكلة المطالبة بحقوق المرأة بمواجهتها بالشمولية ..ومن خلال النظرة المتوازنة لهذا التحدي .

والتحدي المالي:  وجد أن هذا التحدي المالي يمكن معالجته في ضوء أهداف وخصائص التربية الإسلامية من خلال خاصية الشمول والعالمية للتربية الإسلامية.

        إن من التَّحدياتِ التي تواجه التربيةَ الإسلامية عدمَ حبِّ العِلم للعِلم؛ إذ هو من الأمور الهامة التي يحتاج إليها، فبدونه لن يرتقي الإنسانُ المسلم، ولن تكون القيادةُ للأمة، ولن تصبح الأمةُ الإسلامية في مكانتها التي أوجدها الله لها، ما دام سلطانُ العلم بعيدًا عن فردِها المسلم.إن حبَّ العِلم من الأمور الهامة والضرورية التي تغرس في نفس المسلم محبةَ العلم وأهله، والصبر عليه، حتى ينال الدرجات العليا فيه؛ فهذه ثمرةُ حبِّ العلم للعلم وليس للدنيا، والترغيب فيه، وحب السعي إليه.   ويقول ابنُ الجوزي: "وبالعلم يتقوم قصد العلم، كما قال يزيد بن هارون: طلَبْنا العِلم لغير الله، فأبى إلا أن يكون لله، ومعناه أنه دلَّنا على الإخلاص"[5].

وما يحدُثُ الآن من غرس في نفس المسلم لحب الدنيا، فنجد أن البعض يقول في وقتهم الحالي - لقلة الوظائف وعدم وجودها -: ماذا نستفيدُ من الدراسات وهذه الشهادات التي سوف نحصُلُ عليها ما دام لا يوجد لها وظيفة؟

ومن خلال هذه النظرة التشاؤمية أصبح طلابُ العلم لا يميلون له، بل همهم الوحيد الحصول على الوظائف والماديات التي يحصلون بها على المراكز في المجتمع، دون عِلم يُقيم حاجتَهم في الأمورِ الخاصة بهم.

وبذلك يتخرَّجُ فئةٌ لا تعرف من العِلم إلا اسمَه، دون علم عنده أو فِقه في الدين، وبذلك يطبق الجهل على هذه الفئة، عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((سيأتي على أمتي زمانٌ، يكثُرُ القرَّاء، ويقِلُّ الفقهاء، ويُقبَض العِلم، ويكثُرُ الهَرْجُ))، قالوا: وما الهرج؟ قال: ((القتل بينكم، ثم يأتي بعد ذلك زمان يقرأ القرآنَ رجالٌ لا يجاوزُ تراقيَهم، ثم يأتي زمانٌ يجادِلُ المنافقُ المشركُ المؤمنَ))[6].

   ولمواجهة التحديات المعاصرة يكونُ طلَبُ العلم للعلم، وحتى يتأثر بالعلم ويؤثر في الآخرين؛ إذ العلم سببٌ لمرضاة الله تعالى، وسبب للحياة الطيبة في الدنيا والآخرة، والحياة البرزخية. فالعلم يُقوِّمُ سلوكَ الإنسان، ويهذِّبُ نفسَه، ولا يكون ذلك إلا لِمَن أخلص النية في طلبه وتطبيقه، للنجاةِ من الشرور على اختلافِ أنواعِها وأجناسها.

وعندما يجتمع أفراد المجتمع لينهلوا من بعضهم البعض يتعلَّمون ويعلمون، فهي من أجَلِّ القُرباتِ إلى الله سبحانه وتعالى، وكان سلَفُنا الصالحُ يشُدُّون رحالهم طلبًا للعلم؛ لذا "ولو لم يكن في العِلم إلا القربُ من رب العالمين، والالتحاقُ بعالَم الملائكة وصُحبة الملأِ الأعلى، لكفى به شرفًا وفضلاً، فكيف وعِزُّ الدنيا والآخرة منوطٌ به ومشروطٌ بحصولِه"[8].

إن الحصولَ على العلم الذي ينفع يكونُ فيه عز الناس في الدنيا والآخرة، ورقيها إلى مصافِّ الأمم المتقدمة، وفيه معرفةُ الله، ومعرفة رسولِه صلى الله عليه وسلم، والإيمان بهما.كما أن الحصولَ على العِلم للدنيا مِن الأمور التي تؤدِّي إلى عدمِ رضَا الله سبحانه وتعالى على هذا الإنسان، وبُعْد عن الجنَّة في الآخرة. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن تعلَّم عِلمًا مما يُبتَغَى به وجهُ الله عز وجل، لا يتعلَّمُه إلا ليصيب به عَرَضًا من الدنيا - لم يجِدْ عَرْفَ الجنة يوم القيامة))[9].

إن مواجهة التحديات المعاصرة من الأمور المهمة التي تُناطُ به، أن يقوم بالعمل على علم من أمر الله سبحانه وتعالى؛ لذا كان ذمُّ الله سبحانه وتعالى للذين يقولون ما لا يفعلون؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2].

فعدم العمل بالعلم سببٌ من أسباب مَحْق بركة العلم؛ لذا كان السلف أحرصَ الناس على العمل بما يعلمون، ولأن العلم والعمل قرينان فيجتمعان ويرتفعان معًا، وإن كان هناك علم بلا عمل، فإنه حُجَّة على صاحبه، وتربية المسلم على طلب العلم للعلم تُعِين على تثبيت العلم.

تظهر أهمية مواجهة التحديات المعاصرة؛ لحاجة المجتمعات المسلمة والأقليات المسلمة في البلاد غير الإسلامية إلى إعداد المسلم إعدادًا ينطلق من ثوابت التربية الإسلامية، ويراعي متغيِّرات العصر الحديث.

وتظهر أهمية مواجهة التحديات المعاصرة في الاستفادة من الأساليب التربوية في التعامل معه لتأصيل الجانب التربوي لديه في طلب العلم للعلم، وتظهر هذه التربية العلمية من خلال إبراز شخصية الفرد المسلم وتكامُلِها.

تقديم بعض المقترحات التي تساعد المجتمع على تربية أفراده تربية إسلامية شاملة متكاملة، تبرز في حل المشكلات، ومنها التفوق العِلمي في جميع المجالات، وإبراز توجيهات الإسلام في تربية الأفراد، وعنايته بطلب العلم للعلم، وإبراز أهمية تزكية العلم؛ إذ بتقديرها يؤتي اللهُ سبحانه وتعالى خيرًا لا يتوقع مدخله على الأفراد.

        لذا فإن من أهم  عوامل المشكلات في المجتمع المسلم والتحديات المعاصرة:

هناك خمسة أسباب رئيسة وراء المشكلات الاجتماعية والنفسية في المجتمعات الإسلامية، وهي:

1- التخلُّف العِلمي الذي صحب فترة الركود والاستعمار والاضطراب في جميع جوانب الحياة عند المسلمين.

2- انكماش عدد العلماء العاملين المبرَّئين من مرض الجحود والتعصُّب الأعمى وضيق الأفق.

3- انغماس الكثير في أنواعٍ من الترف، والاستخفاف بالدِّين وأهلِه، وقَطْع أواصر المحبَّة والتراحم بين الأمة.

4- الانفصام والازدواجية والتشتت الفكري والصراع الداخلي الذي يعيشه الأفراد والمجتمعات الإسلامية بين الفِكر الإسلامي والحضارة الوافدة.

      لذا؛ فإن التربيةَ الإسلامية هي العنصرُ الفارق والحاسم في مواجهة المشكلات والأزمات الحادة التي تتعرَّضُ لها الشعوبُ.

         المراجع

[1] إسماعيل بن عمر بن كثير، تفسير القرآن العظيم، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، 1420هـ - 1999 م، جـ 5، صـ 97، ط 2، والحديث مرسَلٌ.

[2] محمد أبو بكر ابن القيم، مفتاح السعادة ومنشور الولاية والعلم والإرادة، دار الكتب العلمية، بيروت، 1419هـ - 1998م، صـ 51.

[3] محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1421هـ - 2001م، جـ 28، صـ 8335.

[4] محمد أبو بكر ابن القيم، مفتاح السعادة، مرجع سابق، صـ 59.

[5] عبدالرحمن بن علي الجوزي، تلبيس إبليس، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، 1421هـ - 2001م، صـ 284.

[6] سليمان بن أحمد الطبراني، المعجم الأوسط، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد،‏ عبدالمحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين، القاهرة، 1415م - 1995م، جـ 3، صـ 319.

[7] عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي، سنن الدارمي، تحقيق: حسين سليم أسد الداراني، دار المغني للنشر والتوزيع، الرياض، 1412 هـ - 2000 م، جـ 1، صـ 382.

[8] محمد أبو بكر ابن القيم، مفتاح دار السعادة، مرجع سابق، جـ 1، صـ 108.

[9] سليمان بن الأشعث السِّجِسْتاني، سنن أبي داود، تحقيق: صدقي محمد جميل، دار الفكر، بيروت، 1414هـ - 1994م، جـ 3، صـ 361.

[10] أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، مسند الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد وآخرون، إشراف: عبدالله بن عبدالمحسن التركي، مؤسسة الرسالة، 1421 هـ - 2001 م، جـ 35، صـ 467.

 


الضوابط والوسائل التربوية في التفاعل بين الحضارات والأمم

                                                 (د. خالد عبداللطيف)

مفهوم الضوابط في اللغة :

الضوابط عند علماء اللغة جمع ضابط : وهو اسم فاعل من ضبط يضبط ضبطا، والضبط : هو لزوم شيء لا يفارقه في كل شيء.

وضبط الشيء حفظه بالحزم.

قال الليث : الضبط لزوم شيء لا يفارقه في كل شيء.

( لسان العرب ، ابن منظور ، 340/7 )

الضوابط الفقهية:

هي أمر كلي ينطبق على جزئياته لتعرف أحكامها منه. ( الأشباه والنظائر ، السبكي ، 385/1 )

الضوابط التربوية :

هي مجموعة القواعد التي توجه سلوكيات الفرد والمجتمع. ( محددات ، مبادئ ، اشتراطات ، معايير )

الوسائل لغة :

جمع وسيلة ، على وزن فعيلة ، وقد تجي الفعيلة بمعنى الآلة.( ابن فارس ، معجم مقاييس اللغة ، 110/6 )

وقال الجوهري : ما يتقرب به إلى الغير ، والجمع الوسِيل والتوسل واحد.

 ( الصحاح ، الجوهري ، 1841/5 )

جمع وسيلة والوسيلة : ما يتوصل به إلى الشيء ويتقرب به . ( ابن منظور ، لسان العرب ،  724/11 )

وتأتي الوسيلة في اللغة لمعان عدة، منها : المنزلة عند الملك، والدرجة، والقرابة، والرغبة.

الوسائل عند الأصوليين:

الطرق المفضية إلى المصالح والمفاسد.

وبعبارة أخرى : هي الطرق المؤدية إلى المقاصد. ( القرافي ، الفروق ، 32/2 )

الوسائل في التربية:

هي مجموعة من الخبرات والأدوات التي يستخدمها المربي في ( تحقيق ، بناء ، تنشئه ) توجيه العملية التربوية.

مفهوم التربية في اللغة :

يتضمن مصطلح التربية دلالات لغوية متعدده ، تشير جميعها إلى ما ينبغي أن تتضمن العملية التربوية من أنشطة كما يتضح مما يلي:

1- الإصلاح : ربَّ الشيء إذا أصلحه. ( ابن منظور ، لسان العرب ،1/401 )

والإصلاح قد لا يقتضي الزيادة ، وإنما التعديل والتصحيح.

( الحازمي، أصول التربية الإسلامية ، ص  17 ) .

2- رَبا يَرْبُو، بمعنى زاد ونما. ( الفيومي، المصباح المنير ، 1/296 ) .

وفي هذا المعنى قوله تعالى : "وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت و أنبتت من كل زوج بهيج" ( سورة الحج آية 5 )

 3- نشأ وترعرع : رَبِيَ يَرْبَى، على وزن خَفِيَ يَخْفَى : أي نشأ وترعرع.

( ابن منظور ، لسان العرب ، 1/401)

4- التعليم : الرباني من الرب ، بمعنى التربية وقال ابن الأعرابي: الرباني العالم المعلم الذي يغذو الناس بصغار العلوم قبل كبارها. ( ابن منظور ، لسان العرب ، 1/401) .

الخلاصة :

من هذه التعريفات اللغوية يتضح أن التربية تدور حول الإصلاح، والقيام بأمر المتربي وتعهده ورعايته بما ينميه ، وأن المفهوم التربوي مرتبط بجميع تلك المعاني.

( الحازمي، أصول التربية الإسلامية ، ص 18 

المفهوم الاصطلاحي للتربية:

 التربية لها معنيان:

1- معنى مؤسسي خاص يحدد فيما يتم في مؤسسات التعليم النظامي بمستوياته وتخصصاته المختلفة.

2- ومعنى اجتماعي عام يتحدد فيه الأثر الذي تتركه مؤسسات المجتمع كلها ( الأسرة ، والمدرسة ، وسياسات الإعلام والثقافة الشباب وغيرها ) على شخصية الفرد في الجوانب العقلية والنفسية وغيرها ، ويظهر هذا الأثر ويقاس بمقدار التغير في سلوك الأفراد والفئات ، وفي نوع هذا السلوك واتجاهه.

والمعنى العام للتربية يختص بتنمية الإنسان في جميع جوانب شخصيته ويتضمن ذلك: التعليم، والتأديب، والوعظ، والتنشئة، والتثقيف، والتهذيب، وغير ذلك لتحقيق ما ذكره الله سبحانه من تمكين الإنسان في الأرض لإقامة الخلافة والعمران.  (ملكاوي، الفكر التربوي الإسلامي المعاصر ، ص21-22 )

التفاعل:

 لغة : التفاعل والافتعال يكونان بالاشتراك من الفاعلين منه، مثل التخاصم والاختصام، والتعاور والاعتوار. ( ابن منظور ، لسان العرب ، 266/13 )

اصطلاحا:

التفاعل التربوي: هو حدوث اقتناع وتجاوب نفسي بين طرفي العملية التربوية ( المربي والمتربي ) يؤدي لاستجابة الطرف الثاني معرفيا وسلوكيا.( النغيمشي ، التفاعل التربوي ، ص 65 ) بتصرف

الأمم :

لغة: الجماعة من الناس. ( ابن فارس ، معجم مفاييس اللغة ، 3 / 5 )

واصطلاحا:

 الأمة : هي الجماعة المؤلفة من أفراد لهم رابطة تضمهم، ووحدة يكونون بها كالأعضاء في بنية الشخص، سواء أكانت كبيرة أو صغيرة، ويختلف هذا الرابط باختلاف مفهوم الأمة، فأمة الإسلام تربطها عقيدة الإسلام. ( محمد رشيد ، تفسير المنار ، 30/4 )

الحضارات :

لغة : الحِضارة – بالكسر - الإقامة في الحضر عن أبي زيد ، وقال الأصمعي : هو بالفتح. ( الرازي ، مختار الصحاح ، 75/1 )

اصطلاحاً :

    تعددت تعريفات الحضارة، حيث يعرفها ابن خلدون : فيرى أن الحضارة تُعنى بإنشاء المدن المترفة والثرية التي يميل سكانها إلى الراحة بعد إنشائها، ليطمع بها سكان البادية ويغزوها ويستولوا على أموالها، ثم ما يلبث السكان الحضر أن يبنوا ثورة جديدة لتزول من جديد على أيدي غيرهم، وبالتالي من وجهة نظر ابن خلدون فإنّ الحضارة تفسد العمران؛ ففي البداية تعمر المدن، وتزول ما إن يستريح أهلها .

 كما يرى ابن خلدون أن الحضارة طور من أطوار المجتمعات، وهي طور طبيعي يعبر عن التفنن في الترف الذي ينقل الناس من البداوة إلى التحضر والذي يؤدي بدوره إلى شيوع مظاهر الفساد، ومن ثم يبدأ الهرم والخراب في المجتمعات .

 ( الحميدان ، سنن قيام الحضارات وسقوطها: قديمًا وحديثًا بآراء ابن خلدون، صفحة 11-12 )

تفاعل الحضارات:

      التفاعل والاحتكاك بين الحضارات يعد مكسباً كبيراً يجب أن يُوظف ويُستغل في تحقيق التقدم والتطور، ويمكن القول إنه لا يمكن عزل أي حضارة عن أخرى إذ إنه لا توجد حضارة نشأت من تلقاء نفسها بمعزل عن الحضارات الأخرى، أو أنها لم تتفاعل مع غيرها من الحضارات .

والثقافات التي تنتج عن تفاعل الحضارات هي نتاج إنساني تتغير وتتكيف تبعاً للحضارات المتفاعلة، فيُعاد تشكيل هذه الثقافات مُنتجة ثقافة جديدة في طبيعتها وفلسفتها إلّا أنّها تناسب ثقافة الحضارات المتفاعلة.

( عطية ، مقدمة في الحضارة العربية الإسلامية ونظمها ، صفحة 13-17 )

ضوابط التفاعل بين الأمم والحضارات:

أولا: الانطلاق من الثوابت والمرتكزات الإسلامية في التعامل مع التحديات بثوابته العقدية ، والأخلاقية ، والاجتماعية التي تحكم المجتمع المسلم وتضمن له المحافظة على هويته وعدم الذوبان في بوتقة التقدم العلمي والتقني والانفتاح العالمي وتضمن له بإذن الله هوية عقدية وثقافية واضحة.

ثانيا: التأكيد على بناء الفرد بناء سليماً لمواجهة التحديات :

فمن سمات التربية الإسلامية اهتمامها ببناء الفرد نفسه ، وتربيته لذاته بما يكفل له مواجهة ما يعترضه على المستوى الفردي من تحديات والتغلب عليها ومن ذلك:

أ. التأكيد على أن المسؤولية يوم القيامة فردية قال الله تعالى " وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً " ( مريم ، آية 95 )

وفي الحديث " يا فاطمة بن محمد لا أغني عنك من الله شيئاً "

( البخاري ، صحيح البخاري ، 2735 )

ب. جعل الثواب على الأعمال الصالحة فردياً . قال سبحانه " فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم "  ( آل عمران ، 195 )

ثالثا: التأكيد على وحدة المجتمع وبناءه من الداخل ووحدة الصفّ :

أ- إن تماسك المجتمع في المنهج التربوي الإسلامي ضمانة في وجه التحديات المختلفة.

ب- مواكبة التطورات والتعامل معها بإيجابية دون الجمود والتقوقع بل هي مرنة قابلة للتعامل مع كل حديث ومفيد ونافع وهي بذلك تجمع بين المحافظة على هويتها وعدم مسخها مع الانفتاح المنضبط.

ج- الابتعاد عن النزعة الفردية في مواجهة التحديات إلى الجماعية ، فأركان الإسلام مأمورٌ بأدائها جماعيا لإبعاد النزعة الفردية عن المجتمع المسلم وهذا الأمر يربي في المسلم التمسك بالجماعية والاتسام بروح التعاون عند مواجهة التحديات.

د- عدم استعجال النتائج في مواجهة التحديات ؛ قال الله تعالى : ( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم ) ( الاحقاف ، آية 35 ).

وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والله لَيَتِمَّنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله، والذئب على غنمه،  ولكنكم قوم تستعجلون ) ( البخاري ، صحيح البخاري ، 6943 )

ه- تعزيز الهوية وهذا يتحقق عند الالتزام بأقوى عناصرها وهو العودة إلى الإسلام ، وغرس الاعتزاز به ، وتربية الأمة عليه عقيدة وشريعته وسلوكا.

و- التواجد المعلوماتي الفاعل والإيجابي على شبكة الانترنت ونقدم من خلاله للآخرين معطياتنا الحضارية ورصيدنا الثقافي فنفيد ونستفيد ونصحح المفاهيم المغلوطة في حقنا.

ز- إعادة النظر في مناهج التعليم بحيث يتربى المتعلم في إطار متوازن بين ثقافة المجتمع وقيمه، والانفتاح على الثقافات الأخرى دون إفراط أو تفريط.

( العجمي ، التربية الإسلامية أصول وتطبيقات ، ص 255 ) بتصرف

الوسائل التربوية:

  1/  اللغة .                              2/ المخزون الثقافي. 

  3/  الاحتكاك.                          4/ المؤسسات التربوية ( الإعلام ، الإعلام الرقمي).   

  5/ المواثيق والمعاهدات الدولية.    6/  التقاليد والعادات.

 

أنواع التحديات المعاصرة والنظرة التربوية لها:

التحديات الداخلية – التحديات الخارجية - النظرة التربوية للتحديات المعاصرة

(د. محمد خامس)

تمهيد:

يشهد عالمنا هذه الأيام تحولات متسارعة في مختلف جوانبه،  العقائدية، والاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية، والأخلاقية، والتقنية والأمنية، تشير إلى عصر جديد، ومجتمع كوني كوكبي جديد، سمته الانفجار المعرفي،  والثورة التكنولوجية، وبروز نظام العولمة وتحدياتها الثقافية والاجتماعية.

ونحن لا نعيش في معزل عن هذا الكون؛ فنحن جزء لا يتجزأ منه، نتأثر بالمتغيرات،  ونسهم فيها، وتنعكس أبعادها وآثارها المستقبلية على كافة نظمنا ومؤسساتنا.

ولعلنا نشير إلى أن مفهوم التحديات المعاصرة عبارة عن :" تلك الممارسات الداخلية أو الخارجية المقصودة أو غير المقصودة الموجهة نحو العالم الإسلامي، بهدف إدخال قيم وعادات دخيلة محل القيم السائدة في المجتمع المسلم، وذلك لتذويب هويتها وتهيئته للتبعية الفكرية والثقافية" (الزهراني، 2012، ص17).

أقسام التحديات المعاصرة:

يقسم العلماء والباحثون التحديات إلى عدة أقسام باعتبار مجالاتها، ومصادرها وغير ذلك، إلا أنَّ المجالَ لا يسعُ للخوضِ بتوسع في كلِّ التّحَدّياتِ التي تُواجِهُ العالم الإسلامي؛ لذا اقتصَرَ الباحثُ على ذكر نوعي التحديات، - الداخلية والخارجية-، والتي يرى شدة خطورتها على التربية الإسلامية في الوقتِ الراهنِ، وتتكاثرَ انعكاساتُها السّلبيةُ على نُظُمِ التّربيةِ والتّعليمِ، وهي كالتالي:

1/ التحديات الداخلية:

هي تلك التحديات المتمثلة في الفكر المخالف لقيم التربية الإسلامية، والتي تصدر من داخل المجتمعات الإسلامية، كانتشار الفرق الضالة والمذاهب الهدامة. (الزهراني، مرجع سابق، ص5) بتصرف.

والتحديات التي تواجه العالم الإسلامي والأمة الإسلامية كثيرة وتأتي من عدة جوانب؛ لذا يحاول الباحث تسليط الضوء على جزء منها، وهي كالتالي:

1 / التحديات العقدية: هي جميع ما يواجه الأمة الإسلامية في مبادئها وإيمانها بهدف التشويه أو الإضعاف أو التغيير من تلك العقائد، للوصول إلى النيل من الثوابت عند المسلمين لإبعادهم عنها.

وعرفها يالجن بأنها:  تلك التحديات التي تتمثل في تغيير الدين الإسلامي، واعتناق ديانات أخرى، أو مذاهب فكرية وفلسفات أخرى، أو التشكيك في العقيدة الإسلامية، وثوابت الدين وأحكامه، أو نشر البدع والخرافات التي ليست من الإسلام . ( يالجن، 1411ه، 9-10).

- أبرز التحديات العقدية:

1/ الأفكار المنحرفة والعقائد الفاسدة: كالرافضة، والإلحاد،  وغير ذلك.

2/ التحديات الفكرية: هي تلك الممارسات أو العقبات التي تهدف إلى تعطيل الذهن عن عمله جزئيا أو كليا.

والتّحَدّياتُ الفكريّةُ التي تواجه العالم الإسلامي تُحاولُ أنْ تُهَدِّدَ كيانَه وتعصفَ بمعالِمِه هي جزءٌ من التّحدّياتِ العالميّةِ الماكرةِ ضدّ التّربيةِ الإسلاميّةِ بوجهٍ عام ، وتظهرَ أحياناً بثوبٍ سياسيٍّ، وأحياناً في صُوَرِ احتلالٍ عسكريٍّ، ومرةً كغَزْوٍ ثقافيٍّ وطوراً على شكلِ تقليدٍ اجتماعيٍّ، ويجمعُ خيوطَها بوادرُ أجنبيةٌ ماكرةٌ تكيدُ للإسلامِ وأهلِه. (فرحان، 1411ه، ص87).

ومن التحديات الفكرية التي تواجه الأمة الإسلامية:

أ) الغلو.

ب) جمود الإنتاج الفكر الإسلامي ومحاربته بشتى الطرق والوسائل.

ج) الدّعوةُ إلى تَغييرِ مناهِجِ التّعليمِ: بحيثُ لا يكونُ هناك رابطٌ بينَ محتوى المنهجِ وبينَ الإسلامِ.

د) التطرف الفكري.

3/ التحديات الاقتصادية:

تطورات أو متغيرات أو مشكلات ذات بُعد اقتصادي نابعة من البيئة المحلية أو الإقليمية أو الدولية، وتشكل تهديداً أو خطراً على مستقبل النمو والتنمية الاقتصادية للدول، وهي تتمثل في وطأة الفقر، وزيادة الفجوة بين الطبقات الاجتماعية عل نطاق أوسع اقتصاديا واجتماعيا مع ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض الأجور إلى جانب قصور في تمويل البرامج الاقتصادية، واتشار المعاملات المالية المحرمة كالربا، وزيادة البطالة، وضعف الناتج المحلي. ( منظمة التعاون الإسلامي، مرجع سابق، ص7) بتصرف.

4/ التحديات الثقافية:

هي تلك الممارسات والأوضاع التي تمثل تهديدا أو خطرا أو إضعافا أو تشويها، لوضع أو منظومة ثقافية معينة.

تتمثل التحديات الثقافية في التالي:

أ- محاولة القضاء على اللغة العربية.

ب) التحدي الإعلامي : شهدت الفترة الأخيرة ثورة في وسائل الاتصال، ساعد فيها التقدم التكنولوجي، وقد انبثقت عنه ظاهرة من أخطر الظواهر في وقتنا الحاضر، وهي سيطرة وسائل الإعلام على تفكير الناس وسلوكهم , وهي من أهم الوسائل المؤثرة في ثقافة المجتمعات، وقد ضاعفت ثورة وسائل الاتصال التقني من تأثيرات وسائل الإعلام على جميع جوانب الحياة.

ج) هجرة العقول المثقفة : برز تحد جديد من تحديات العولمة الثقافية وهو ما يسمى بهجرة العقول، أو هو مفارقة النخب في الدول الإسلامية لأوطانهم، وبذلك تفقد الدول الإسلامية آلاف الأشخاص ذوي المهارات والاختصاصات النادرة، والتي تحتاجها البلدان والشعوب الإسلامية، ولا شك أن هذه الهجرة لها أثر في عرقلة التنمية في الدول النامية.

5) التحديات الاجتماعية: تلك المحاولات التي يتعرض لها المجتمع الإسلامي بقصد فرض منهج اجتماعي وأخلاقي على المجتمع لا يقوم على أساس الضوابط التي قدمها الدين الحق. (بشيه، 1420هـ،ص48).

ومن أبرز التحديات الاجتماعية:

أ- الاتفاقيات الدولية حول مساواة المرأة بالرجل.

ب- إقامة المؤتمرات العالمية للمرأة: والتي تتضمن التحديات الأسرية، ومنها:

§       تكريس المفهوم الغربي للأسرة، والتي تتكون من شخصين يمكن أن يكونا من جنس واحد.

§       العلاقات غير الشرعية في غير نطاق الزواج وخاصة بين المراهقين والمراهقات، واعتبار ذلك حرية شخصية لا يتدخل أحد فيها حتى الوالدان.

ج-  سلب ولاية الآباء وإنهاء تبعية المرأة والبنت من الناحية الاجتماعية.

( المالكي، مرجع سابق، ...).

6) التحدي التقني: هي تلك المعوقات والمشكلات الناتجة عن الثورة التكنولوجية الحديثة، والتي تهدد العملية التربوية.

ويمكن إبراز التحديات التقنية فيما يلي:

أ- الانطواء والعزلة.

ب- غلبة النزعة الفردية وغياب روح الجماعة.

ج- هناك آثار صحية ضارة يورثها التعامل مع التقنيات الحديثة.

هناك عدة تحديات يمكن مزاولتها ودراستها من عدة جوانب، كالتحديات الأخلاقية والتعليمية، والأمنية، وغيرها، وما هذه إلا محاولة تسليط الضوء على بعضها.

2) التحديات الخارجية: تتمثل التحديات الخارجية في المذاهب الفكرية الوافدة التي تصدر من خارج الدول أو المجتمعات الإسلامية تهدف إلى تشويه المنهج التربوي الإسلامي، وطمس هوية المسلمين. (الزهراني، 2012،ص5) بتصرف.

ويمكن إبراز التحديات الخارجية في النقاط التالية:

أ/ العَلمانية: - بفتح العين وسكون اللام-، مشتقة من العالم الدنيوي الذي يقابل العالم الأخروي، ولها عدة تعريفات، ومنها:

1- اللادينية،   2- الانتماء للحياة الدنيا وأمورها.

3- وعرفتها الموسوعة الميسرة بأنها: دعوة إلى إقامة الحياة على غير الدين، ويراد بها في المجال السياسي، اللادينية في الحكم. ( أبو غدة، 1434ه، ص43).

- وأبرز أسس العلمانية فصل الدين عن الحياة، وإبعاده عن شؤون الأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، بحيث يتحول النشاط الإنساني إلى مصالح مادية يوظفها الأقوى لحسابه.

( المسيري، 1423ه، ص6).

وقد ظهرت العلمانية في أوروبا في عام 1648م، مع بروز الفكر القومي عند الأوروبيين، ثم جاءت الثورة الفرنسية ضد ضد سيطرة الكنيسة ورجال الدين النصارى على مقاليد الحياة العامة. (أبو غدة، 1434ه، ص43).

ثم انتقلت العلمانية إلى بلدان المسلمين وانتشرت عن طريق الاستعمار الغربي وفرض السيطرة العسكرية على تلك البلاد المستعمرة.

-       تهدف العلمانية إلى عدة أمور، ومنها:

i.      عزل الدين عزلا تاما عن المجتمع، وإقامة أنظمة تربوية وسياسية واجتماعية لا تهتدي برسالة الإسلام.

ii.     إعلاء شأن العقل الإنساني وتعظيمه، وجعله حاكما على الشرع.

iii.    إثارة الشبه والاعتراضات على النصوص والتعاليم والأحكام الإسلامية.

iv.    الدعوة إلى تحرير المرأة.

ب/ التبشير: هو أسلوب هداية الضالين كما أراد عيسى عليه السلام إلى أسلوب تضليل وإبعاد عن منهج الله كما أراد أتباعه. ( الشثري، 1998م، ص15).

والتبشير حركة نصرانية يقصدون بها: القيام بنشر النصرانية في العالم، وخاصة بين المسلمين، وإظهارها على أنها الديانة الحقة، وذلك من خلال تقديم الرعاية الاجتماعية والخدمات الصحية والمطبوعات وغيرها للآخرين. ( أبو غدة، مرجع سابق، ص61) بتصرف.

ظهرت هذه الحركة الدينية السياسية بعد فشل الحروب الصليبية بهدف نشر النصرانية في العالم.

ومن أهم مظاهر هذه الحركة:

i.      القضاء على الإسلام في نفوس المسلمين.

ii. القضاء على وحدة العالم الإسلامي.

iii. محاولة وقف انتشار الإسلام.

iv. تشويه الإسلام في نظر الشعوب الأوربية.

ج/ الاستشراق: هو ذلك التيار الفكري الذي يتمثل في إجراء الدراسات المختلفة عن الشرق الإسلامي والتي تشمل حضارته، وأديانه، وآدابه، ولغاته، وثقافته، بقصد تحقيق أهداف معينة. ( سعد الدين، 1418ه، ص142) بتصرف يسير.

 ولقد أسهم هذا التيار في صياغة التصورات الغربية عن الشرق عامة. وعن العالم الإسلامي بصورة خاصة.

-       تهدف حركة الاستشراق إلى تحقيق عدة أهداف، ومن أبرزها:

i.      تحويل المسلمين عن دينهم ونشر التعاليم النصرانية بينهم.

ii.     تشكيك المسلمين في دينهم، ونبيهم،  وقرآنهم، وشريعتهم، وفقههم، واعتباره مستمداً من الفقه الروماني واعتبار الإسلام مستمداً من مصادر يهودية ونصرانية.

iii.    النيل من اللغة العربية، واستبعاد قدرتها على مسايرة ركب التطور.

iv. محاولتهم إضعاف روح الإخاء والوحدة بين المسلمين، وإسقاط النفوذ الإسلامي، وتطويقه حتى لا ينتشر في العالم الغربي، بعد فشل الحروب الصليبية. ( المالكي، 2013ه، ص48).

د/ التغريب: هو تحويل المسلمين عن دينهم نحو المفاهيم الغربية بالأساليب المتدرجة، التي تضعف ارتباطهم به فكرا وسلوكا. ( أنور الجندي،1964ه، ص36).

-       تسعى هذه الحركة إلى تحقيق الأهداف التي رسمتها، ومنها:

i.      إثارة الخلافات والخصومات بين الغرب والمسلمين،  ورد التراث الإسلامي إلى الفرس والهنود واليونان.

ii. تشجيع إيجاد فكر إسلامي متطور يبرر الأنماط الغريبة ويسهم في محو الطابع المميز للشخصية الإسلامية؛ بغية إيجاد علائق مستقرة بين الغرب والشرق خدمة لمصالحه.

iii. إثارة الموضوعات التي تثير القلاقل والخلافات بين المسلمين : مثل دعوى تعدد الزوجات، وتحديد الطلاق،  واختلاط الجنسين، ودعوى الحرية والوطنية.

iv. تمزيق وحدة الفكر العربي الإسلامي بعزل الأخلاق عن التربية، والدين، والأدب، والسياسة، والدولة، وكذلك بنشر الإلحاد، والإباحية، والشذوذ الجنسي، والزواج الحر، والسفاح، والسفور، وكل ما فيه إفساد وانهيار للأمة الإسلامية، إلى غير ذلك من تلك الأهداف الاستعمارية. (المالكي، مرجع سابق، ...).

وغير ذلك من الماسونية والصهيونية.

3- النظرة التربوي للتحديات المعاصرة:

النظرة التربوية لهذه التحديات: هي نظرة التأثر والتأثير، تتأثر بغيرها وتؤثر في غيرها.

 

المصادر والمراجع:

-       أبو غدة، حسن عبدالغني: الثقافة الإسلامية والتحديات الفكرية المعاصرة وحقوق الإنسان،. النشر العلمي والمطابع، جامعة ملك سعود، 1435ه.

-       إسحاق أحمد فرحان : التربية الإسلامية بين الأصالة المعاصرة ، دار الفرقان ، اليرموك ، ط (2) 1411هـ.

-       أنور الجندي: الإسلام في غزوة جديدة للفكر الإنساني، مطبعة الرسالة بالقاهرة، 1964ه.

-       بشيه، ناصر علي أحمد: (1420هـ) , التحديات المعاصرة التي تجابه المجتمع الإسلامي كما يراها مفكرو الإسلام , ودور التربية الإسلامية في مواجهتها، رسالة دكتوراه منشورة، جامعة طنطا، مصر.

-       الزهراني، مرضي بن أحمد عطية: التجديد التربوي من منظور التربية الإسلامية، في ضوء التحديات المعاصرة مع تصور مقترح. رسالة علمية مقدمة لنيل درجة العالمية الدكتوراه، بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، بقسم التربية.

-       سعد الدين، إيمان عبد المؤمن: (1418هـ) ، الثقافة الإسلامية والتحديات المعاصرة ، ط5 ، مكتبة الرشد ، مكة المكرمة.

-       الشثري ، محمد بن ناصر ، (1998م) ، التنصير في البلاد الإسلامية ، أهدافه ، ميدانه ، آثاره ، دار الحبيب ،ط1.

-       عبدالوهاب المسيري: العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة، دار الشروق، القاهرة، 1423ه.

-       العمرو، صالح بم سليمان بن صالح: تحديات العولمة الثقافية ودور التربية الإسلامية في مواجهتها، مجلة جامعة أم القرى للعلوم التربوية والنفسية، المجلد 4، العدد 1، عام 1433ه-2012م.

-       المالكي، هلال بن عاطي السعدي: التكامل التربوي بين المؤسسات التربوية والأمنية في ظل التحديات المعاصرة تصور مقترح، رسالة علمية مقدمة لنيل درجة العالمية الدكتوراه، بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، بقسم التربية.

-       محمد أمين السماعيلي : جوانب من الغزو الفكري المعاصر ، مطبعة فضالة المحمدية ، المغرب .

-       مقداد يالجن: دور الجامعات العالم الإسلامي في مواجهة التحديات المعاصرة، الرياض، دار عالم الكتب، الطبعة 2، 1411ه.

                                                                       

وسائل التحديات:

وسائل التواصل الاجتماعي. - البرامج الترفيهية الالكترونية.

(د. ساري ناصر)

 

أولاً المقدمة:

تفشت في عصرنا الحاضر برامج التواصل الاجتماعي والألعاب الترفيهية الالكترونية بشتى أنواعها وانتشرت بشكل كبير جداً على أوسع نطاق بين أغلب المجتمعات على وجه الأرض، حيث كسرت الحواجز والمسافات الطويلة بين الدول فأصبح العالم كله كالقرية الصغيرة، وكما سهلت المواقع خدمة التواصل والاتصال بين الأفراد والجماعات وأوجدت الألعاب الالكترونية جوانب ترفيهية عبر هذه الأجهزة للتسلية والترويح عن النفس وبما لها من المزايا إلا أنها تعتبر "سلاح ذو حدين؛ فإن أجاد الفرد استخدامها حقق الهدف منها وأسهمت في تعليمه وتطوره وزيادة قدراته، وإن أساء استخدامها كانت عبئاً على الفرد وصحته وخاصة تفكيره وقدراته العقلية، ويخطئ الكثير من الأشخاص في ترك أبنائهم أمام أجهزة الاتصالات وتصفح الإنترنت، أو مواقع التواصل الاجتماعي لفترات طويلة دون مراقبة أو متابعة، وهو ما يؤثر على عقلياتهم وتفكيرهم، وربما يتجهون إلى الاطلاع على برامج تدفعهم إلى ممارسة سلوكيات خاطئة" (العظامات، 2018م، ص: 1868)[1].

ثانياً: التعريف بوسائل التواصل الاجتماعي البرامج الترفيهية الالكترونية

1- وسائل التواصل الاجتماعي:

التواصل في اللغة: "تواصل يتواصل، تواصلا، فهو متواصل.

 تواصل الشخصان وغيرهما: اجتمعا واتفقا، ضد تصارما وتقاطعا "تواصلا بعد فراق".  تواصلت الأشياء: تتابعت ولم تنقطع. (عمر، ١٤٢٩هـ، ج3، ص: 2449)[2].

والتواصل الاجتماعي قد يكون لفظياً أو كتابياً أو عن طريق الوسائل الالكترونية الحديثة.

ويعرف وسائل التواصل الاجتماعي بأنها: " تلك المواقع التي توجد على شبكة الإنترنت العالمية وتتيح للمستخدمين إنشاء حسابات شخصية، وتكوين علاقات مع أشخاص آخرين للمواقع نفسها، ويتم من خلالها تفاعل المستخدمين مع بعضهم بعضاً، وتواصلهم مع أصدقائهم وعائلاتهم وزملائهم، ولا ينحصر هذه ﺍﻟﻮﺳــﺎﺋﻞ ﺃﻭ المواقع ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻘﻂ. ﺑﻞ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﻷﻫﺪﺍﻑ تجاريةٍ. فقد أصبحت هدفاً للذين يسعون إلى جلب المزيد من الزبائن والعملاء. (باشا، 2020، 23-24)[3].

2- البرامج الترفيهية الالكترونية:

تعرف برامج الترفيه الالكتروني أو الألعاب الاكترونية "بأنها برامج أو العاب قد تكون ترويحية أو تعليمية يتم تقديمها من خلال جهاز الكتروني، ويتنافس فيها الأفراد للحصول على بعض النقاط، وتمتاز غالباً باستخدام المؤثرات الصوتية والبصرية والتركيز على إحراز النقاط أو إتمام المهمة تحقيقاً لهدفٍ ما في إطار قواعد محددة مسبقاً، تعتمد أساساً على مبدأ المنافسة والإثارة" (عبد العزيز، 2011، ص: 606)[4].

ثالثاً: الآثار المترتبة التي تسببها وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج الترفيه الالكترونية على الفرد والمجتمع:

لوسائل التواصل الاجتماعي والالعاب الالكترونية آثار سلبية كثيرة ومتنوعة على الفرد والمجتمع. ويتلخص فيما يلي أهم الأثار:

1- الأثر الديني أو العقدي.

- انتشار بعض الروابط الالكترونية التي تروج للعقائد الباطلة والهدامة.

2- إضعاف العقيدة عند المسلمين وخصوصاً عقيدة الولاء، والبراء، والحب، والبغض، في الله.

3- تقليد الغرب في عاداتهم وتقاليدهم وعقيدتهم من قبل أبناء المسلمين من خلال تأثير هذا المواقع.

4- إظهار بلاد الكفر بأنها بلاد الحرية، والديمقراطية والعدالة.

5- نشر الكفر والالحاد من خلال هذه المواقع والألعاب الالكترونية بطرق عديدة مباشرة أو غير مباشرة.

6- نشر الإشاعات الكاذبة التي من شأنها تشويه صورة الإسلام والتنقص من أحكامه الشرعية.

7- تضمين بعض الألعاب الالكترونية طقوس دينية معادية ومضادة للدين الإسلامي الحنيف كما في لعبة ببجي وغيرها من الألعاب التي تدعو الأطفال ومرتادي هذه البرامج الترفيهية إلى فعل بعض العادات التي تخالف العقيدية الإسلامية.

2- التقصير في أداء العبادات مثل الصلاة أو تأخيرها عن وقتها بسبب الإدمان على هذه الألعاب والعكوف عليها لفترات طويلة.

2- الأثر الأخلاقي:

1- شيوع الرذيلة وسهولة ارتكابها، حتى أصبحت أمراً عادياً في بعض المجتمعات.

2- كسر حاجز الحياء والخجل بين الشباب والفتيات في التواصل بينهم من خلال هذه المواقع، بل قد أصبحت مواقع التواصل مستنقعاً قذراً للفحش والرذيلة والترويج لها والدعوة إليها باسم الحب والعشق الكاذب.

3- شحن الغرائز والبحث عن سبل غير شرعية لتصريفها، وذلك لما يبث في هذه المواقع  من صور والأفلام فيها عري فاضح، مع اختيار أجمل النساء للقيام بأدوار معينة في الأفلام، حتى إن بعضهن لا دور لها إلا عرض مفاتنها.

4- تعويد الناس على وسائل محرمة هي بريد للفتنة، وسبيل إليها، كالخلوة، والاختلاط، والمغازلة.

5- وجود بعض الألعاب الالكترونية التي تحتوي على عادات وأخلاقيات سيئة تؤثر سلبياً في تغير سلوكياتهم الأفراد.

الأثر الثقافي:

- ظهور بعض الألفاظ واللغات الغربية التي هي مزيج من الكلمات العربية والانجليزية ومثل هذه من شأنها أن تضعف من مستوى اللغة العربية لدى الأجيال القادمة، بل وتؤدي إلى اندثارها.

- إضعاف مستوى التعليم لدى أفراد الأمة.

- ربط الناس بمناهج غربية، يساعد على ذلك شيوع تعلم اللغات الأجنبية.

 - شيوع الخمول، والكسل، وعدم الجدية، أضف إلى ذلك السهر الذي سيؤثر على التحصيل عند بعض الطلاب.

- إضعاف مستوى أفراد الأمة الإسلامية في اللغة العربية.

3- الأثر الصحي:

تشمل الأثار الصحية (النفسية والبدنية)

 فالنفسية كالانطواء على الذات والقلق والاكتئاب وخصوصاً عند المدمنين على هذه المواقع والالعاب مما يجعل المستخدم يعيش مضطرباً بين الواقع والخيال.

واما الأثار الصحية الجسدية فبسبب المكث وقتاً طويلاً أمام الشاشات والأجهزة الإلكترونية قد يسبب بعض المشاكل الصحية منها على سبيل المثال:

 ضعف البصر وآلام العمود الفقري والعظام والرقبة، وكذلك الإصابة بالسمنة لعدم ممارسة التمارين الرياضية.

4- الأثر الاقتصادي:

1- أصبح كثير من الشباب والفتيات ينفقان الكثير من الأموال من أجل متابعة أحدث الموديلات في الجوالات وشراء توابعها أكثر من الاهتمام بالمأكل والملبس.

2- ضياع كثير من أوقات العمال في أماكن عملهم في هذه المواقع على حساب وقت العمل بحيث يعد خسارة على صاحب العمل.

الترويج والإعلان من خلال هذه الوسائل والأجهزة لأكثر السلع والتي قد تكون بعضها رديئة الجودة، والأقبال عليها من قبل المستهلكين، على الرغم من وجود أجود منها.

3- أن غالبية الدعاية والإعلانات للسلع المستوردة من خارج الدول الإسلامية على حساب السلع المحلية الصنع.

5- الأثر الاجتماعي:

- العزلة والادمان.

- هشاشة العلاقات بين أفراد الأسرة.

- فتور العلاقات الزوجية.

- تصنع الشخصية.

- تغيير العادات والتقاليد.

- الفراغ العاطفي. (ً جامعة النجاح الوطنية فلسطين، ٢٠١٤، ص: 19- 25)[5].

- نشر الإشاعات والأخبار المغلوطة نظراً لعدم اشتراط التأكد من المعلومات قبل نشرها.

1- التأخر في الزواج، وتفشي الطلاق، ومحاربة تعدد الزوجات، ولقاءات الفتى والفتاة بعد الخطبة وقبل العقد برضى الأهل.

3- سيطرة المرأة على الرجل، وضعف القوامة بدعوى الحرية وتساوي الحقوق.

6- الأنانية وحب الذات، وضعف الروح الجماعية، وعدم نصرة المظلوم.

4- دخول كثير من العادات الغربية إلى بيوت المسلمين، والإعجاب بالنمط الغربي للحياة.

5- ضعف القيام بحقوق الوالدين وقطع الأرحام، وتفكك الأسر، وإهمال حقوق الجيران.

7- إبراز أبطال لا حقيقة لهم على حساب أبطال الإسلام، وسعي الفرد لتقليد هؤلاء. ومثال ذلك إبراز اللاعبين والممثلين والفنانين أبطالا، حتى أصبحوا هم المثل الأعلى لكثير من الشباب والفتيات (العمر، ص:25 -42)[6].

8- أن الألعاب الالكترونية تسبب خلل في العلاقات الاجتماعية وخصوصاً إذا تعود الفرد على تسريع الألعاب فقد يواجه صعوبة كبيرة في ممارسة الحياة الطبيعية اليومية فيلجئ الى العزلة والانفراد النفسي.

الدور الوقائي للتربية الإسلامية بما يخص مواقع التواصل الاجتماعي

1- ايجاد بدائل إسلامية للمواقع الحالية تكون بطريقة جاذبة للشباب.

2- مراقبة الأسرة للأبناء وعدم تركهم يتجولون في كل المواقع.

3- دراسة أسباب تفشي ظاهرة التعامل مع المواقع الاجتماعية للتوصل إلى كيفية العالج.

4- الاهتمام بتربية الشباب على المبادئ الإسلامية السمحة التي تمثل أقوى الحصون وتقي الشاب من السقوط في مهاوي هذه المواقع الفاسدة.

5-سن التشريعات الرادعة للمخالفين.

6- غرس الرقابة الذاتية في نفوس الأفراد عن طريق وسائط التربية المختلفة.

رابعاً: الدور الوقائي للتربية الإسلامية بما يخص الألعاب الالكترونية

1- توعية الآباء والمربين بخطورة بعض الألعاب الإلكترونية (وخاصة ما يتسم منها بالعنف) وخطورة قضاء وقت طويل في اللعب الإلكتروني على صحة الطفل الجسمية والنفسية (عدم تجاوز الساعة من اللعب بها في اليوم الواحد).

٢- ينبغي على التربويين وأولياء الأمور الاحاطة بأهم الجوانب الايجابية والجوانب السلبية للألعاب الإلكترونية وذلك بهدف العمل على تعزيز الجوانب الايجابية والحد من آثار الجوانب السلبية في المدرسة والبيت وخارج المنزل.

3- توعية طلبة المدارس بسلبيات الألعاب الإلكترونية وأضرارها من خلال عرض مشاهد فيديو وندوات.

4- إجراء مسابقات الألعاب الإلكترونية بين الطلبة في المدرسة التي تنمي التفكير لديهم وتخدم بعض المواد العلمية كالرياضيات وغيرها.

5- تشجيع المبرمجين على القيام بتصميم وكتابة برمجيات للألعاب الإلكترونية تركز على الجوانب التعليمية والتثقيفية مع الحفاظ على عنصري التشويق والتسلية بما يخدم الثقافة العربية الإسلامية.

6- إدخال بعض الألعاب الإلكترونية بالتعاون مع الشركات الخاصة والتي تخدم المناهج المدرسية كي ينشغل بها الطالب بالاستذكار وكتابة الواجبات وتنمية بعض المهارات والسلوكيات الحميدة.

7- تشجيع نشر الألعاب التعليمية والتثقيفية وقد يكون من المناسب أن تتولى وزارة الثقافة والإعلام هذه المهمة بالتعاون مع وزارة التجارة وذلك بالعمل على توفرها بأقل الأسعار الممكنة في المكتبات ومراكز بيع الكتب.

8- توفير الألعاب المفيدة والتعليمية عن طريق المدارس والنوادي العلمية والمؤسسات الحكومية والأهلية مع وضع حوافز ومكافئات للتشجيع على إنتاج ألعاب الكترونية تتوافق مع دين وعادات وتقاليد المجتمعات الإسلامية والعربية.

9- تشجيع الألعاب الرياضية الجماعية التي تؤكد على فكرة العمل كفريق والألعاب الشعبية في مدارسنا التي هي أكثر ارتباطا بقيمنا ونابعة من ثقافتنا العربية والإسلامية.

۱۰- فرض الرقابة مسبقا على ما يطرح في الأسواق من هذه الألعاب، بحيث تكون لجان هذه الرقابة متكونة من علماء في الاجتماع، والنفس، والدين الإسلامي تحدد من هذه الألعاب ما يتم تداوله وما يحظر، ويكون المعيار الاتفاق مع ثقافتنا وأخلاقنا وعدم التعارض مع مبادئ ديننا(عثمان، 2018م، ص: 157)[7].

 

آثار التحديات المعاصرة على الفرد والمجتمع: وسائل التواصل الاجتماعي أنموذجاً

(د. عبدالله الزهراني)

§       مقدمة

يمر العالم اليوم بالكثير من التغيرات المتسارعة والمتنوعة من شكلها ومضمونها حتى أصبح يعرف بعصر السرعة لما تميز به من طغيان التقنية والابتكارات التكنولوجية الحديثة، وتوسع شبكة الانترنت، وما يرتبط بها من تطبيقات، وبرامج، ووسائط متعددة.

إن هذا التغير الكبير الذي أصبح يفرض نفسه على الواقع التربوي بمؤسساته ورواده، والمجتمع بشكل عام يؤكد على أهمية الالتفات إلى ما يخلفه هذا التغير من آثار سلبية، ومشكلات تربوية واجتماعية وثقافية، وما يحمله من تحديات تستوجب التصدي لها، ومحاولة التأقلم مع الواقع الجديد، وبناء الخطط التربوية على ضوء الواقع المعاش.

ولا شك أن أهم الدوافع التي أدت إلى تطور التقنية الحديثة، والتقدم التكنولوجي خاصة في مجال الاتصالات؛ هو البحث عن أفضل الطرق والوسائل من أجل التواصل الاجتماعي بين الأفراد بشكل يكون أقرب إلى الواقع المباشر، بعد أن كان تقليدياً يستغرق الكثير من الوقت لوصول الرد من قبل الطرف الآخر.

تعريف وسائل الاتصال

‌الوسيلة ‌لغة: ما يتقرب به إلى الغير والجمع وسائل وتأتي أيضاً بمعنى التوصل إلى الشيء برغبة، وهي أخص من الوصيلة لتضمنها معنى الرغبة، قال تعالى: {وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ}. (سورة المائدة، الآية: 35).

  وحقيقة الوسيلة إلى الله تعالى مراعاة سبيله بالعلم والعبادة، وتحرِّي مكارم الشريعة وهي كالقربة، والواسل الراغب إلى الله تعالى. (غريب القرآن للأصفهاني، ص 821)

‌‌واصطلاحاً: وسائل الاتصال الحديثة هي أدوات لنشر كافة أنواع المعلومات عن طريق الوسائل الإلكترونية.

‌‌الاتصال لغة: من مادة وصل، فإن "الواو والصاد واللام: أصل واحد يدل على ضم الشيء إلى شيء حتى يعلقه " وصل بمعنى اتصل، والوصل ضد الهجران، وبينهما وصلة أي: اتصال وذريعة، وكل شيء اتصل بشيء فما بينهما وصلة، والجمع وصل، والتواصل ضد التقاطع. (المفردات في غريب القرآن للأصفهاني، ص 821)

وقيل: الاتصال لغة: اتخاذ الأشياء بعضها ببعض كاتحاد طرفي الدائرة ويضاد الانفصال (المفردات في غريب القرآن للأصفهاني 823)

التواصل اصطلاحا:

وللتواصل عدة تعريفات نختار منها "استمرار العلاقة المتينة بين طرفي العلاقة المشاركين فيها" ومنها "علاقة بين فردين على الأقل كل منهما يمثل ذات نشيط "(د. محمود حسن إسماعيل، ص30)

ويعرف مفهوم التواصل الاجتماعي بأنه:" نقل الأفكار والتجارب وتبادل الخبرات والمعارف بين الذوات والأفراد والجماعات بتفاعل إيجابي وبواسطة رسائل تتم بين مرسل ومتلقي، وهو جوهر العلاقات الإنسانية ومحقق تطورها. (ماجد رجب سكر، ص10)

 وتم استحداث العديد من أدوات الاتصال السلكي واللاسلكي، واستمر هذا التطور حتى ظهور الهواتف الذكية وصاحب ذلك ظهور الكثير من التطبيقات التفاعلية التي تنظم عملية التواصل، وتوفر العديد من الخدمات التي تثري عملية التواصل عن بعد بالصوت والصورة والنص المكتوب، وغير ذلك. وأصبح ما يعرف اليوم بوسائل التواصل الاجتماعي هو النمط المسيطر على أغلب مظاهر الاتصال بين الأفراد والمجتمعات، ومع تطور أدوات وبرامج هذا النوع من التواصل أصبح يستحوذ على اهتمام كافة شرائح المجتمع أطفالاً ومراهقين وكباراً لما يتميز به من مرونة وسهولة في الاستخدام وتنوع في التطبيقات؛ كالفيس بوك والتوتير، والوا تساب، والتلجرام، والانستجرام، والسناب شات، والتيك توك، وغيرها.

لقد مثلت وسائل التواصل الاجتماعي أبرز مظاهر هذا التوسع، وكان لها الأثر البالغ في التأثير على الفرد والمجتمع، وعلى المؤسسات التربوية، بل وعلى السياسات الدولية بشكل عام. وتعد مواقع التواصل الاجتماعي عبر الانترنت من أحدث منتجات تكنولوجيا الاتصالات وأكثرها شعبية، ورغم أن هذه المواقع أنشئت في الأساس للتواصل الاجتماعي بين الأفراد، فإن استخدامها امتد ليشمل كافة الأنشطة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسي من خلال تداول المعلومات الخاصة بالأحداث اليومية، والتعليق عليها، وتحليلها، وغير ذلك، كان لهذا. الانتشار الواسع آثاره الواضحة في الاتجاهين الإيجابي والسلبي، إلا أن الآثار السلبية كان لها النصيب الأكبر في إحداث الصراع بين الفرد وذاته، وبين الفرد ومجتمعه، وفي المنظومة الاجتماعية التربوية بوجه خاص، وفي كل شؤون الحياة بشكل عام. (حسني عوض، ص5)

أهم مواقع الشبكات الاجتماعية:

أخذت المواقع الاجتماعية الإلكترونية أشكالا متنوعة ومتعددة ولكن الأكثر انتشاراً ما يلي:

1-الفيس بوك face book: يعد من أشهر الشبكات الاجتماعية التي تربط بين مستخدميها، فهو يسمح لأي فرد لديه عنوان بريد الكتروني صحيح للتواصل مع أصدقائه، والانضمام الى مجموعات صداقة جديدة وتبادل الآراء، والملفات سواء كانت رسائل نصية، صور، مقاطع فيديو.

2-التويتر twitter: هو أحد أشكال عمليات التدوين الإلكتروني، ولكن هذا النوع يمثل التدوين المصغر بمعنى إرسال رسائل نصية قصيرة فقط تعرف بالتويتات Tweets  

3-المدونات Blogs: أتخذ التدوين الإلكتروني خطأ مميزاً له بين المواقع الاجتماعية الإلكترونية حيث تتيح للمستخدم إمكانات تفاعلية عبر الروابط والنصوص الفائقة، وتختلف هذه المدونات من حيث الامكانيات والاطارات الفنية إلى مدونات تحتوي على الروابط الشعبية Link Blogs وهي الأكثر انتشاراً وتسمى Weblogs وتحتوي على المذكرات اليومية Online Blogsالمقالات Article Blogs الصور Photo Blogs مقاطع بث إذاعي Broadcast Blogs، بث مرني Video cast Blogs وغيرها.

4-اليوتيوب you tube: هو أكبر موقع الكتروني اجتماعي على شبكة الإنترنت يسمح للمستخدمين برفع ومشاهدة ومشاركة مقاطع الفيديو بشكل مجاني.

5-سناب شات Snap chat هو تطبيق تواصلٍ اجتماعيٍّ مشهورٍ قام بابتكاره طالبان من جامعة ستانفورد هما إيفان شبيغل وروبرت مورفي. يتيح التطبيق للمستخدمين تبادل الصور ومقاطع الفيديو (والتي تدعى سنابات Snaps) مع إمكانية تحديد زمنٍ يصل حتى عدة ثوانٍ تختفي بعده هذه السنابات من جهاز المتلقي إضافةً إلى خوادم سناب شات، كما يمكنك التعديل على الصور وإضافة الفلاتر المختلفة إليها والإشارة إلى الأصدقاء عند مشاركة السنابات أيضًا.

6-المنتديات Forums: وهي وسيلة اتصال يتم فيها تبادل الآراء والمعارف بين زوارها وتناقل الموضوعات والأخبار، وتسمح بإمكانية النقاش فيها وتنقسم المنتديات إلى منتديات متخصصة في بعض العلوم والمجالات، وأخرى للترفيه والتسلية والتعارف وهي الأكثر انتشاراً.

7-برامج المحادثات أو الدردشة Chatting Program: هي عبارة عن نوافذ

يستطيع المشترك فيها الحديث بالكتابة والصوت والفيديو، وتبادل الملفات والصور اصدقائه المسجلين على قائمته في هذه المواقع، ولا يقتصر في كل هذه المواقع الحديث من شخص لشخص فقط، وإنما بالإمكان أيضاً لمجموعة من

الاصدقاء أن يشاركوا ويتحدثوا مع بعضهم البعض في آن واحد، وأشهر مواقع المحادثات أو الدردشة المنتشرة (سكايبي Skype، الماسنجر Messing، بالتاك Pal Talk، أم أس أن، MSN ويندوز لايف windows Live). (شروق حاسن كبوها، دراسة مسحية على موقع الفيس بوك، ص446)

الأثار المترتبة على الاستخدام السيئ لها:

لا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي جلبت الكثير من المزايا للمجتمع لم تكن لديه من ذي قبل، وربطت بين مختلف الثقافات، وسهلت عملية التعلم الذاتي، وتبادل الخبرات، واكتساب المعرفة بطرق شيقة وسهلة وفي متناول الجميع، إلا أن هذا لا يعني أنها أيضاً لا تحمل في طياتها الكثير من المخاطر والتحديات التي أثرت سلباً على الفرد والمجتمع المسلم، وخاصة في عقيدته، وشريعته، وقيمه الاجتماعية والأخلاقية، وسلوكه، وصحته.

ومن أبرز الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي ما يلي:

أولاً: الجانب الديني:  

·       وذلك من خلال نشر الشبهات التي تستهدف العقيدة وتسبب التشكيك في الدين والمعتقدات وتدعوا إلى الإلحاد.

·       ضعف الوازع الديني وتهميش دور المؤسسات الدينية مثل المساجد والمراكز الدعوية.

·       ظهور بعض الأفكار والجماعات المتطرفة التي تدعو إلى معتقدات باطله.

·       ساهمت في نشر المحرمات بين الشباب من خلال سهولة الوصول للمواقع الإباحية.

ثانياً: الجانب الاجتماعي والأخلاقي:

·       تؤثر على العلاقات الاجتماعية تأثيراً سلبياً وتقلل من التفاعل المباشر وجهاً لوجه بين الأشخاص مما يؤدي إلى العزلة شيئاً فشيئاً.

·       محو خصوصية الفرد حيث أن وسائل التواصل الاجتماعي أضحت كاشفة لهادون أن يشعر الفرد بمخاطر انتهاك تلك الخصوصية التي كانت فيما سبق من المحظورات التي لا تقبل التساهل.

(المعرفة وشبكات التواصل الاجتماعية الالكتروني، مركز الدراسات الاستراتيجية، جامعة الملك عبد العزيز، ص: 118)

·       ساهمت في التشهير بالآخرين والإساءة إليهم.

·       نشر بعض الثقافات الغربية المنفتحة والتي قد تؤثر على الثقافة العربية والإسلامية المحافظة.

·       نشر الرذيلة في المجتمعات من خلال ما يبث عبرها من سلوكيات تتعارض مع القيم والمبادئ الإسلامية وتؤثر على تربية الشباب.

·       تستغل لنشر الإشاعات داخل المجتمع والتي تسعى إلى تفكيكه.

·       تساهم في زيادة الجرائم والانحرافات داخل المجتمع ولاسيما من فئة الشباب نظراً لانفتاحهم على العالم كله من خلال هذه الوسائل.

·       التفكك الأسري التي تحدثه هذه الوسائل بين أفراد الأسرة مثل عقوق الوالدين، الطلاق، التحرش بالمحارم ......الخ.

·       استخدامها كوسيلة لترويج المخدرات والتشجيع على استخدامها وخاصة بين الجنسين من الشباب والمراهقين.

·       ضعف الترابط بين أفراد المجتمع ويظهر ذلك من خلال قلة الزيارات بين أفراده حيث تم استبدال الزيارات العائلية والمقابلات والنزهات بالحديث عبر الشاشات.

·       إضعاف مهارات التواصل في المجتمع حيث تسببت في إدمان الغالبية من أفراده، وخاصة فئة الأطفال والمراهقين فضعف تركيزهم، وتقلصت مهارات التواصل المباشر لديهم، وأصيب البعض منهم بالرهاب الاجتماعي، وأصبح يفضل العزلة والانطواء عن واقعه المحيط به، إلى الواقع الافتراضي الذي يغرق فيه مع مرور الوقت.

(وائل مبارك فضل الله، ص24)

·       تساهم في زيادة البطالة في المجتمع خاصة فئة الشباب حيث ينشغلون بقضاء وقت طويل في المتابعة والتصفح ويهملون أعمالهم ودراستهم ويتشتتون بينها وبين العالم البديل الذي يتابعه على هذه التطبيقات مما يتسبب في فقدان الكثير منهم لأعمالهم ويحرمهم من إكمال تعليمهم.

·       تأثر الحياة الشخصية حيث يمكن أن يتعرض البعض لمشكلات مثل التنمر نتيجة التواصل مع الغرباء خاصة المراهقين والمراهقات،

·       تعرض البعض للسرقة في حالة القيام بعمليات البيع والشراء عبر هذه المنصات.

ثالثاً: الجانب الصحي:

·       الإدمان إن إدمان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى حدوث بعض الأعراض المرضية والتي أهمها: الاضطرابات النفسية؛ كالوسواس، والإكتاب، والقلق، وغيرها.

·       تأثر الذاكرة حيث يعاني الشخص الذي يستخدم هذه المواقع لفترات طويلة من النسيان وفقدان القدرة على التركيز وضعف الانتباه.

·       الإصابة بالأمراض وعلى رأسها البدانة وزيادة الوزن، أمراض القلب والشرايين، ارتفاع ضغط الدم، أمراض العيون، ضعف الجهاز المناعي نتيجة التعرض للشائعات والأخبار المزعجة.

·       اضطرابات النوم إن الاستخدام المفرط والمبالغ فيه للسوشال ميديا يسبب الأرق، حيث أن بعض الدراسات أشارت إلى تأثر إفراز الجسم لهرمون الميلاتونين باستخدام الهواتف الجوالة.

 (حسن السيد الموسوي ناصر شباب والمويزري إدمان استخدام الانترنت وعلاقته ببعض أعراض الاضطرابات النفسية لعينة من الطلبة الجامعيين بدولة الكويت، بحث شور في مجلة الإرشاد النفسي، مركز الإرشاد النفسي، ص: 125)

الحلول المقترحة للتصدي لهذه التحديات:

إن هذا الوباء أصبح أمراً واقعاً في كل بيت وفي كل مدرسة، بل وفي كل جيب من جيوب أبنائنا، والواجب على أصحاب الشأن مراعاة هذا الخطر، وما يحمله من تأثير سلبي، ومحاولة الموازنة بين إيجابياته وتوجيهها التوجيه السليم، والتصدي لسلبياته ومعالجتها ومنع تسللها إلى المجتمع. وهذا يؤكد حجم المسؤولية التي تواجه المؤسسات التربوية والأسرية والمجتمعية والحكومية على حد سواء.

·       الحرص على هوية الأمة وعقيدتها وثوابتها وذلك من خلال مقاطعة وحجب المواقع الداعية للإلحاد والسخرية بالدين وشعائره.

·       تعزيز الوازع الديني والجانب الإيمانية أثناء عملية التوجيه لهم.

·       غرس القيم التي تكسب الشخص القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب.

·       ضرورة توعية أفراد المجتمع بشكل عام والشباب منهم بشكل خاص بما يمكن أن يحذروا منه عند استخدمهم لهذه الوسائل.

·       ضرورة التأكيد على دور الآباء والأمهات وأولياء الأمور بتحمل مسؤولياتهم كاملة تجاه مراقبة ورعاية أبنائهم ومن تحت إشرافهم من مخاطر الاستخدام السيئ لهذه الوسائل. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:

أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: (كلكم راع ومسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو ‌مسؤول ‌عَنْ ‌رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ ‌مسؤول ‌عَنْ ‌رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ، وهي مسؤولة عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وهو ‌مسؤول ‌عَنْ ‌رَعِيَّتِهِ). قَالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (وَالرَّجُلُ فِي مال أبيه راع، وهو ‌مسؤول ‌عن ‌رعيته، فكلكم راع وكلكم ‌مسؤول ‌عن ‌رعيته). (صحيح البخاري ج2ص848)

·       قيام الجهات الرقابية بإصدار قوانين تحرم وتجرم من يستغل هذه الوسائل للترويج لما يفسد العقيد والسلوك والأخلاق.

·       قيام المؤسسات التعليمية والتربوية من جامعات ومدارس بعقد ندوات ومحاضرات وورش عمل للشباب للتحذير من سوء استخدام هذه الوسائل.

·       التعاون والتكامل بين الوزارات المختلفة ذات العلاقة (التعليم، الشؤون الإسلامية، الإعلام، الرياضية، الصحة، الداخلية، الموارد البشرية والتنمية المجتمعية) على مقاومة ومحاربة الظواهر السلبية الناشئة عن هذه الوسائل

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل،،،

المراجع

1.   القرآن الكريم

2.   صحيح البخاري لأبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي المحقق: د. مصطفى ديب البغا

الناشر: (دار ابن كثير، دار اليمامة) -دمشق الطبعة: الخامسة، ١٤١٤ هـ -١٩٩٣ م،

3.   إسماعيل د. محمود حسن: مبادئ علم الاتصال ونظريات التأثير، ص 30، الدار العالمية، 2003 م.

4.   سكر، ماجد رجب (2011)، التواصل الاجتماعي: أنواعه، ضوابطه، آثاره، ومعوقاته. رسالة ماجستير (غير منشورة) قسم التفسير وعلوم القرآن، كلية أصول الدين، الجامعة الإسلامية-غزة، فلسطين. ص: 10.

5.   عوض، حسني (ت: بدون)، أثر مواقع التواصل الاجتماعي في تنمية المسؤولية المجتمعية لدى فئة الشباب: تجربة مجلس شبابي علاء أنموذجاً، (ن: بدون)، فلسطين ص: 5.

6.   المعرفة وشبكات التواصل الاجتماعية الالكتروني، مركز الدراسات الاستراتيجية، جامعة الملك عبد العزيز، جدة، 2012م، ص: 118.

7.   فضل الله، وائل مبارك (2010)، أثر الفيس بوك على المجتمع، مدونة شمس النهضة، السودان، ص: 24.

8.   الموسوي، حسن السيد، والمويزري، ناصر شباب، وآخرون (2013)، إدمان استخدام الانترنت وعلاقته ببعض أعراض الاضطرابات النفسية لعينة من الطلبة الجامعيين بدولة الكويت، بحث شور في مجلة الإرشاد النفسي، مركز الإرشاد النفسي، العدد: 35، الجزء: 1، أغسطس، الصفحات: (123-216)، ص: 125.

9.   المفردات في غريب القرآن أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني (ت ٥٠٢هـ) تحقيق صفوان عدنان الداودي الناشر: دار القلم، الدار الشامية -دمشق بيروت الطبعة: الأولى -١٤١٢ هـ

10.                     شروق حسن كبوها كلية الآداب جامعة الملك عبد العزيز جده المجلة العلمية لبحوث الإذاعة والتلفزيون – العدد السابع عشر – يناير /يونية 2019م

                                                    

أساليب التربية الإسلامية ووسائلها في مواجهة التحديات المعاصرة

(د. علي الطويلعي)

مدخل:

على الرغم من الرصيد الهائل من المبادئ التربوية الذي تمتلكه التربية الإسلامية، إلا أن الأمة الإسلامية ما تزال تعاني من التحديات المعاصرة التي صورها أحد كتاب التربية الإسلامية بأن ناشئة المسلمين ظهرت منهم "أفواج غير قليلة تفترسهم عدوى الانحلال الأخلاقي بمظاهره المختلفة، فترى الأسر الناشئة تنهار، وترى علاقات الجوار والمودة وروابط الدين والقربى تعصف بها تيارات الفتن والعصبيات، والخلافات وترى أشكالا كثيرة من الغزو يمارسها أفراد وجماعات..."( الكيلاني 1991) 

تعريفات اجرائية:

التربية الإسلامية هي: تنمية فكر الإنسان، وتنظيم سلوكه، وعواطفه، على أساس الدين الإسلامي، وبقصد تحقيق أهداف الإسلام في حياة الفرد والجماعة، أي: في كل مجالات الحياة (النحلاوي، 1417)

التحديات المعاصرة هي: الظواهر البارزة في المجتمع في العصر الحاضر والتي جاءت نتيجة لتطور وتسارع الأحداث؛ السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتقنية، والثقافية. (النحلاوي، 1417)

النظرة التربوية للتحديات

 يجب عند تناول هذه المفهوم أن نبرز جانبين مهمين:

الأول: الآثار التربوية والنفسية للتحديات (جانب التأثر).

الثاني: كيفية تأثير الجوانب التربوية والنفسية في مواجهة التحديات (جانب التأثير).

فالجانب الأول: يقصد به أن للتحديات بعض الآثار التربوية والنفسية على الفرد والمجتمع ومن ابرز هذه التحديات التي تأثر على الجوانب النفسية والتربوية : الغزو الفكري والعولمة ... ويظهر أثرها على شكل : التقليد ، والانبهار ، والانهزامية ، والنظرة الدونية للمجتمع وللفرد.

أما الجانب الآخر: فالتحديات يجب أن تؤثر بها الجوانب التربوية والنفسية من خلال شحذ الهمم لمواجهة هذه التحديات من خلال تفجير طاقات الفرد والمجتمع وصناعة الإبداع وكل ذلك آثار تربوية ونفسية تعمل على مواجهة هذه التحديات من خلال التأثير عليها وليس التأثر بها فقط.

سؤال مهم ألا وهو طريقة الربط بين التربية الإسلامية ومواجهة التحديات ؟

وهنا يبرز دور التربية الإسلامية في مواجهة التحديات بأساليب ووسائل من خلال محورين هامين:

(الدور الوقائي البنائي) للتربية او من خلال (دورها العلاجي الإنمائي)

الدور الوقائي يعتبر هذا الدور للتربية الإسلامية هو خط الدفاع الأول في مواجهة التأثير بالتحديات من خلال تحصين النشء من تأثيرات فالتحصين من الداخل من جميع النواحي الروحية والعقلية والنفسية يجب أن يكون هو أول دور تقوم به التربية الإسلامية حيث يجب أن يكون البناء التربوي شامل ومتكامل من خلال الأسرة والمدرسة والإعلام، دون تناقض بينهما، ويجب على التربية الإسلامية أن تستخدم كافة الأدوات (وسائل الاتصال، التقنية) والأساليب (الثواب، القدوة، الحوار، الإقناع) والوسائل (المدرسة، المجتمع، الأسرة، الإعلام...) بتكامل وشمولية في سبيل تحقيق نفس الهدف دون أي تعارض ليكون أثر التربية أقوى.

الدور الوقائي البنائي لتربية الإسلامية في مواجهة التحديات (1):

1-دور التربية الإسلامية في مواجهة تحديات في الجانب الديني:

لمواجهة تحديات العولمة الثقافية في المجال الديني لابد من تكثيف الجهود في سبيل تأصيل العقيدة الإسلامية الصحيحة في نفوس النشء وتوعيتهم بمبادئ الإسلام لينشأ جيل مسلم واع يعتز بدينه ويفتخر بعقيدته ويمارس حياته وفق توجهات هذا الدين فنحن حين نتحدث عن الدين نأخذه باعتباره أسلوبا للحياة، كما أنه ينظم العلاقات بين الناس، ويفرض عليهم نسقا من القيم وأنماط السلوك وطرق التفكير وكذلك النظام التعليمي

2-دور التربية في بناء الاعتزاز باللغة العربية الفصحى وإتقان مهاراتها:

فاللغة هي أبرز معالم الجانب الثقافي ومن أهم الملامح التي تكون هوية الأمة وتميزها عن غيرها من الأمم فالدين واللغة هما العنصران المركزيان لأي ثقافة أو حضارة.

3-دور التربية في المحافظة على الكيان الأسري ودعم نفوذه وتأثيره:

حرص الإسلام حرصا شديدا على تكوين الأسرة وحدد لها شروطا وعين الواجبات والحقوق للزوجين والأبناء فالأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع والمؤسسة الاجتماعية الأولى للتربية، وهي المحضن الطبيعي والأول الذي يتولى الإشراف والرعاية السليمة للأبناء لذا ينبغي الاهتمام الخاص بالمرأة من حيث التوعية بالتربية الدينية والثقافية الإسلامية القائمة على العقيدة والمنهج الإسلامي الصحيح لتؤسس تأسيسا صحيحا يجنبها المزالق وتكون قادرة على القيام بأداء رسالتها في الحياة.

4ـ دور التربية في مواجهة التحدي الإعلامي وآثاره السلبية :

إن وسائل الإعلام في المجتمع الحديث تقوم بدور بارز في عملية التنشئة الاجتماعية، ويزداد هذا الدور أهمية بانتشار هذه الوسائل وتطورها تقنيا، وتأثيرها الفعال على الجميع وتلازمها المستمر لهم طيلة الحياة، ومن هنا ندرك خطورة الآثار الاجتماعية والنفسية التي تترتب على تعرض لهذه الوسائل

5) دور التربية في نشر ثقافة التسامح والسلام ومحاربة الجريمة:

إن السلام هو شعار الإسلام، دين يدعو إلى المحبة والتسامح والإخاء، وينفر من العنف والتطرف والتعصب ويحارب الإرهاب لذا ينبغي على التربية أن تسعى لإكساب مبادئ السلام والتسامح، وقبول الرأي الآخر والإيمان بأن تعدد الآراء واختلاف الأفكار هو ظاهرة طبيعية ونتيجة صحية لتعدد الأمم واختلاف الثقافات.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)        العمرو، صالح بن سليمان بن صالح. (2012). تحديات العولمة الثقافية ودور التربية الاسلامية فى مواجهتها. مجلة جامعة أم القرى للعلوم التربوية والنفسية، مج 4, ع 1 ، 11 - 66. مسترجع من http://search.mandumah.com/Record/174698


وسائل التربية الإسلامية (1):

للتربية وسائل مادية أو بشرية ذات أثر معنوي عظيم، كالمسجد، والمربي، والأسرة، والمدرسة، وسنعرض وسائل التربية الإسلامية لما لها من أثر في تحقيق هدف التربية الإسلامية بمواجهة التحديات

أولا: المسجد وأثره التربوي

- الوظيفة التربوية للمسجد: كان المسجد مركزًا تربويًّا يتربى الناشئ في المسجد في ظل مجتمع إسلامي ناهض راق، ينظم شئونه على أساس الشورى، ويتفقد مرضاة فيعودهم، وفقراءه المعوزين فيعطيهم مما أعطاه الله، وتنعقد أواصر المحبة بين القلوب، فيغدو مجتمعا قويا متماسكا يساهم في تربية الجيل،  أثر المسجد التربوي، والاجتماعي في حياة الأمة: عندما يأخذ المسجد مكانه الطبيعي الذي بني من أجله، وأراده الله له، يصبح من أعظم المؤثرات التربوية في نفوس الناشئين، فيه يرون الراشدين مجتمعين على الله، فينمو في نفوسهم الشعور بالمجتمع المسلم، والاعتزاز بالجماعة الإسلامية، وفيه يسمعون الخطب والدروس العلمية، فيبدءون بوعي العقيدة الإسلامية، وفهم هدفهم من الحياة، وما أعدهم الله له في الدنيا والآخرة.

ثانيا: الأسرة المسلمة، ومهمتها التربوية

يتلقى المسجد الناشئين بعد أن ترعرعوا بين أحضان الأبوين، فالأسرة المسلمة هي المعقل الأول، الذي ينشأ فيه الطفل، في جو التربية الإسلامية.

وعندما نقول: "الأسرة المسلمة"، فمن البديهي أننا نعني الأسرة التي التقى ركناها على تحقيق الهدف الذي شرع من أجله تكوين الأسرة، ولو تأملنا بعض آيات القرآن، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الموضوع لوجدنا أن أهم أهداف تكوين الأسرة هو:

- الأثر التربوي لتحقيق هذا الهدف: وهكذا ينشأ الطفل ويترعرع في بيت أقيم على تقوى من الله، ورغبة في إقامة حدود الله، وتحكيم شريعته، فيتعلم، بل يقتدي، بذلك من غير كبير جهد أو عناه، إذ يمتص عادات أبويه بالتقليد، ويقتنع بعقيدتهما الإسلامية حين يصبح واعيًا

‌‌ثالثا: المدرسة في التربية الإسلامية

بيد أنه كان للدين الفضل الأول في إيجاد تربية هادفة مقصودة، وذلك حين أوجد الدين الركنين الأساسيين لعملية التربية المقصودة، وهما: الهدف الواضح المحدود، وهو عبادة الله وحده، والتعريف به، والإيمان به، في جميع الأديان السماوية، والمنهج أو المادة الفكرية، والسلوكية المعينة المقصودة، وهو الاستسلام لتشريع الله، وأوامره التي أنزلها على رسله، ليحفظها الجيل ويعمل بمقتضاها، ثم ينقلها إلى الجيل الذي بعده‌‌

رابعا: المربي المسلم

أشار القرآن إلى دور المعلمين من الأنبياء وأتباعهم، وإلى أن وظيفتهم الأساسية دراسة العلم الإلهي وتعليمه، وقد بلغ من شرف مهنة التعليم أن جعلها الله من جملة المهمات التي كلف بها رسوله صلى الله عليه وسلم،  ويتضح أن للمربي وظائف أهمها.

أ- التزكية أي التنمية والتطهير، والسمو بالنفس إلى بارئها وإبعادها عن الشر، والمحافظة على فطرتها.

ب- التعليم أي نقل المعلومات، والعقائد إلى عقول المؤمنين، وقلوبهم ليطبقوها في سلوكهم وحياتهم

‌‌خامسًا: المجتمع ومسئوليته التربوية

تتجسد مسئولية المجتمع الإسلامي عن تربية أبنائه في أمور، وأساليب تعتبر من أفضل أساليب التربية الاجتماعية أهمها:

إن الله جعله آمرًا بالمعروف ناهيا عن المنكر وتربية الناشئين على هذا الأساس معناه أن نصون فطرتهم الطاهرة عن التدنس وارتكاب الأخطاء، أو عن أن تستهويهم الرذيلة؛ لأن مجرد استحسانها سيعدهم لارتكابها إذا كبروا واصبحوا قادرين عليها، هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإن من واجب الراشدين أن يغرسوا معاني الإيمان في قلوب الناشئين بشتى المناسبات، بأن يلفتوا نظرهم إلى كل ظاهرة من ظواهر الكون الدالة على قدرة الله، وعظمته ووحدانيته، وأن يوجهوا ويهذبوا سلوكهم بآداب الإسلام، وأن ينصحوهم إذا دخلوا المسجد، ويعلمون عبادة الله وآداب المساجد

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)النحلاوي :عبد الرحمن النحلاوي أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع الناشر: دار الفكرالطبعة الخامسة والعشرون ١٤٢٨هـ-٢٠٠٧م تاريخ النشر بالشاملة: ٨ ذو الحجة ١٤٣١ ص118

 

أساليب التربية الإسلامية (1)

أن أساليب التربية المتميزة والمتطورة لتنشئة الفرد تنشئة صالحة، تمكنه من تحقيق أهدافه وإخلاص العبادة وفق شريعته، وتزوده بالقدرات والمهارات التي تجعله قادرًا على التفكير السليم وتكوين الآراء المستنيرة وإصدار الأحكام الصائبة في مواجهة أحداث الحياة المتغيرة ويجد المعلم في القرآن الكريم والسنة المطهرة أساليب مؤثرة راقية ربت النفوس واستنهضت الهمم.

ولعل أهم أساليب التربية الإسلامية ما يلي:

1- التربية بالقدوة.

2- التربية بالعبرة والموعظة.

3- التربية بالترغيب والترهيب.

4- التربية بتكوين العادات الحسنة.

5- التربية باستغلال الأحداث.

6- التربية بضرب الأمثال.

7- التربية باستخدام القصة.

8- التربية عن طريق حل المشكلات.

9- التربية بتفريغ الطاقة وشغل أوقات الفراغ.

10- التربية بالممارسة العلمية

وسوف نتطرق لبعض منها بالإيضاح:

التربية بالقدوة:

تعد القدوة الحسنة أفضل أساليب التربية وأقربها إلى النجاح، فالإنسان في طفولته يميل إلى التقليد والمحاكاة، فإذا كان المحاكي قدوة تأصلت في النشء الخلال الطيبة والخصال الكريمة والقيم الرفيعة، فكان الرسول الكريم هاديا ومربيا بسلوكه الشخصي بالإضافة إلى الذكر الحكيم والسنة، وكان النبي ترجمة عملية حية لتعاليم وآداب القرآن، كما أن سيرة الصحابة والتابعين تعد نموذجا لتجسيد القدوة الحسنة للمجتمع المسلم.

التربية بالعبرة والموعظة:

تعرف العبرة بأنها حالة نفسية تتيح للمرء معرفة المغزى والمآل لأمر ما يشاهده الإنسان ويتبصر فيه ويتدبره ويقوم باستقرائه ومقايسته فيصل إلى نتيجة مؤثرة يخشع لها قلبه، فيدفعه ذلك إلى سلوك فكري واجتماعي مناسب،

وهناك أيضا العبرة بمخلوقات الله ونعمه التي سخرها للإنسان، والمربي الواعي يمرن عقول الطلاب على تأمل آيات الله في الكون ودلائل حكمة الله ودقة صنعه، ثم يناقش الطلاب في هذه الأمور ويستجوبهم بأسئلة محكمة يتوصلون بها تلقائيا إلى الاعتراف بوحدانية الله وقدرته وأسمائه الحسنى، وحتى تحقق الهدف منها يجب أن تحوي التربية بالعبرة جميع مواقف الحياة وحوادث الكون ومظاهر القدرة الإلهية.

وهناك أيضا التربية بالموعظة التي تأخذ معاني النصح وهو بيان الحق والمصلحة من أجل تجنيب المنصوح الضرر وإرشاده إلى ما يحقق نفعه وسعادته،

التربية بالترغيب والترهيب:

الترغيب أحد الأساليب التي استخدمها الإسلام لحث المسلمين على فعل الخير ودفعهم إلى طريق الهداية والعمل وفق منهج الله، ويعرف النحلاوي الترغيب بأنه "وعد يصحبه تحبيب وإغراء بمصلحة أو لذة أو متعة مؤكدة خيرة، خالصة من الشوائب، مقابل القيام بعمل صالح أو الامتناع عن لذة ضارة أو عمل سيئ ابتغاء مرضاة الله، وذلك رحمة من الله لعباده". بينما يعرف الترهيب بأن "وعيد وتهديد بعقوبة تترتب على اقتراف إثم أو ذنب مما نهى الله عنه أو على التهاون في أداء فريضة مما أمر الله به، أو هو تهديد من الله يقصد به تخويف عباده وإظهار صفة من صفات الجبروت والعظمة الإلهية؛ ليكونوا دائما على حذر من ارتكاب الهفوات والمعاصي".


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)عاطف السيد ،التربية الإسلامية أصولها ومنهجها ومعلمها الناشر: حقوق الطبع والنشر محفوظة للمؤلف تاريخ النشر بالشاملة: ٨ ذو الحجة ١٤٣١  ص53

 

أمثله على التحديات وأساليب التربية الإسلامية ووسائلها في مواجهة هذه التحديات المعاصرة

وسوف نورد هنا امثله على التحديات واساليب التربية ووسائلها  في مواجهتها وهناك العديد من التحديات مثل  (العقدية – الفكرية – الثقافية)

التحديات العقدية

التحديات العقدية : هي مشكلات وصعوبات تواجه العالم الإسلامي في مجال عقيدته فأي خلل في العقيدة يؤثر مباشرة في النسيج الإسلامي والعلاقات العامة والخاصة لذا يجب أن تعطى التحديات العقدية أهمية كبرى في التعرف عليها وعلاجها وأهم مصادرها .

وهناك نوعين من التحديات العقدية :

الأول: التحديات العقدية الداخلية:

وهي التي تنبع من داخل المجتمع مثل انتشار الفرق والمذاهب الضالة والباطلة، مما أدى إلى تقسيم العالم الإسلامي من خلال هذه المذاهب والفرق ونشؤ الصراعات المختلفة ، مع ملاحظة قلة عدد المتمسكين بالمنهج الصحيح (منهج السنة والجماعة) ، في العالم الإسلامي .

ومن أبرز سبل مواجهة التحديات العقدية الداخلية : التمسك بالكتاب والسنة، اللقاءات والندوات ، الحوار بين الفرقاء، دراسة الحلول المختلفة مثل: غرس العقيدة الصحيحة في نفوس الناشئة من خلال المناهج الدراسية.

الثاني: التحديات العقدية الخارجية:

ومن أهمها الاستشراق والعلمانية  التي تدعو إلى فصل الدين عن الدولة ، والتشكيك في العقيدة من خلال الإعلام الغربي مثل مقولة: (أنها عقيدة قديمة وغير متطورة، وتعمل على تقييد الحريات).

ويتم مواجهة هذه النوع من التحديات من خلال: التحصين الداخلي الذاتي ونشر العقيدة الصحيحة ، وتفعيل دور الإعلام في نشر منهج العقيدة الصافية.

التحديات الفكرية:

وهذا التحدي من التحديات الخطرة لأنه يتعلق بفكر الإنسان الذي ينتج عن التعامل مع الدين والثقافة وغيرها من الأفكار وهناك غزو فكري كبير لتغيير تصورات المسلمين عن دينهم وعقيدتهم وقيمهم وعاداتهم ، من خلال إبراز مفاهيم مختلفة على سبيل المثال: حرية المرأة، والحرية الشخصية، وربط الجهاد بالإرهاب ..

التحديات الفكرية الداخلية: أي الموجودة والنابعة من داخل العالم الإسلامي مثل التيارات الفكرية التي يجب مواجهتها، ويمكن ملاحظة تلك التيارات من خلال الإعلام والقنوات الفضائية حيث تنبع هذه الأفكار الشاذة من أفراد محسوبين على المفكرين في  العالم الإسلامي والذين يطلقون أفكار تتناقض مع الفكر الإسلامي الصحيح، والتي تعمل على تغيير تصورات الشباب المسلم في مجالات الحريات وغيرها ..

ويمكن مواجهة هذا التحدي الداخلي من خلال غرس العقيدة الصحيحة في نفوس الناشئة من خلال المناهج الدراسية والأسر ، والتأثير على الفكر وتوجيهه إلى الفكر الإسلامي الصحيح. والعمل على تحصين الشباب من خلال إيضاح وبيان وثقافة الفكر الإسلامي الصحيح.

 

 

أصول التربية في المملكة العربية السعودية

(أ.د. عادل المغذوي)

الأصول العقدية والتعبدية

تتمثل التربية العقدية والتعبدية  بالتربية الإيمانية والارنباط بأصول الإيمان، وأركان الإسلام  ومبادئ الشريعة .

ونعني بأصول الإيمان:

كل ما ثبت عن طريق الخبر الصادق من الحقائق الإيمانية، والأمور الغيبية: كالإيمان بالله سبحانه، والإيمان بالملائكة، والإيمان بالكتب السماوية، والإيمان بالرسل جميعاً، والإيمان بسؤال ملكين، وعذاب القبر، والبعث، والحساب، والجنة، والنار...وسائر المغيبات.

ونعني بأركان الإسلام:

كل العبادات البدنية والمالية، وهي: الصلاة، والصوم، والزكاة، والحج من استطاع إليه سبيلا.

ونعني بمبادئ الشريعة:

كل ما يتصل بالمنهج الرباني، وتعاليم الإسلام من عقيدة، وعبادة، وأخلاق، وتشريع، وأنظمة، وأحكام..

 وهذا الشمول لمفاهيم التربية الإيمانية من وصايا الرسول rوإرشاداته في تعلم أصول الإيمان،وأركان الإسلام،وأحكام الشريعة... من يرد الله به خيرا يفقه في الدين

" ترشد التربية الإسلامية في القرآن والسنة العملية التربوية بمناهجها ووسائلها،وتوجه القائمين عليها من آباء ومربين ومسئولين إلى جني ثمار التأثيرات الإيجابية لأاركان الإيمان الستة - لما فيه من ترسيخ للإيمان والعقيدة بأركانها المتعددة.

-تربية الأولاد في الإسلام لعلوان - (1 / 115)

- ولما فيه من إحساس دائم بخشية الله تعالى ومراعاته في السر والعلن.

-ولما فيه من إيقاظ متواصل للضمير الديني والخلقي وصحوة للعقل وتحريك للوجدان.

-يدفع الفرد المسلم إلى اتباع سبل الهدى والرشاد،وفعل الخيرات والصالحات،وتجنب حبائل الشرك والضلال وعدم التردي في مهاوي الفساد والمنكرات."

-         المراجع :

الزنتاني، عبد الحميد الصيد، فلسفة التربية الإسلامية في القرآن والسنة،ص 122 . انظر إلى، محمد خير،فاطمه،منهج الإسلام في تربية عقيدة الناشئ،ص 428-430. سهام مهدي جبار، الطفل في الشريعة الإسلامية ومنهج التربية النبوية، ص 240-241،

تكامل العقيدة مع العبادة في التربية :

      العبادة هي الطاعة المتكاملة المترافقة المترابطة مع كمال الخوف وكمال الحب،والطاعة منبثقة عن قناعة عقلية بأن الله تعالى خالق كل شيء وقادر على كل شيء،يدخل الجنة الصالحين من عباده ويدخل النار الأشقياء والكافرين من خلقه "

" والعبادة هي العبودية لله وحده والتلقي من الله وحده في أمر الدنيا والآخرة،ثمَّ هي الصلة الدائمة بالله في هذا كله "

إنَّ الأحكام التشريعية العبادية إنما هي منبثقة عن القاعدة الأساسية؛ألا وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.

فلو انعدم إيمان المسلم برسالة سيدنا محمد –r– ونبوته لما كان هناك صلاة وصوم ولا حج ولا زكاة.

- حلبي، عبد المجيد طعمه، التربية الإسلامية للأولاد منهجاً وهدفاً وأسلوباً،ص140

" وباعتبار أنَّ العقيدة أصل وعنها قد صدرت العبادة،فإنَّ فصل العبادة عن العقيدة يعتبر بمثابة فصل الشجرة عن جذرها،...،وذلك أنَّ العبادة هي الترجمة المحسوسة لصدق الإيمان وحسن تركز العقيدة في قلب المؤمن "

 " والعقيدة تمثل الجانب النظري من الدين وقد دعا الرسول –r- الناس إليها في بدء رسالته،أمّا الشريعة فهي الجانب العملي من الدين "

-         " إنَّ النواحي العبادية هي الأمور المهمة التي لا بدَّ من أخذها بكل اهتمام وجدية على طريق تكملة بناء الإنسان المسلم .

المرجع :

-         سهام مهدي جبار، الطفل في الشريعة الإسلامية ومنهج التربية النبوية،ص 263.

-         التربية الخلقية          

-         نقصد بالتربية الخُلقية مجموعة المبادئ الخُلقية،والفضائل السلوكية والوجدانية التي يجب أن يتلقنها الطفل ويكتسبها ويعتاد عليها منذ تمييزه وتعقله إلى أن يصبح مكلفاً إلى أن يتدرج شاباً إلى أن يخوض خضمّ الحياة..

-         ومما لا شك فيه،ولا جدال معه أن الفضائل الخلقية والسلوكية والوجدانية هي ثمرة من ثمرات الإيمان الراسخ،والتنشئة الدينية الصحيحة...

-         فالطفل مثلا  منذ نعومة أظفاره حين ينشأ على الإيمان بالله،ويتربّى على الخشية منه،والمراقبة له،والاعتماد عليه،والاستعانة به،والتسليم لجنابه فيما ينوب ويروع..تصبح عنده الملكة الفطرية،والاستجابة الوجدانية لتقبل كل فضيلة ومكرمة،والاعتياد على كل خلق فاضل كريم..لأن الوازع الديني الذي تأصل في ضميره،والمراقبة الإلهية التي ترسخت في أعماق وجدانه،والمحاسبة النفسية التي سيطرت على تفكيره وإحساساته..كل ذلك بات حائلاً بين الطفل وبين الصفات القبيحة والعادات الآثمة المرذولة،والتقاليد الجاهلية الفاسدة..بل إقباله على الخير يصبح عادة من عاداته،وتعشقه المكارم والفضائل يصير خُلقاً أصيلاً من أبرز أخلاقه وصفاته...

-         وحينما تكون التربية بعيدة عن العقيدة الإسلامية،مجردة من التوجيه الديني،والصلة بالله عز وجل..فإن الطفل - لا شك - يترعرع على الفسوق والانحلال،وينشأ على الضلال والإلحاد،بل سيُتبع نفسه هواها،ويسير خلف نوازع النفس الأمارة،ووساوس الشيطان،وفقاً لمزاجه وأهوائه وأشواقه الهابطة.

-         الأصول  الاجتماعية والثقافية :

-         ولا : الأصول الاجتماعية والثقافية للتربية : -

-         إن الأصول الاجتماعية والثقافية للتربية هى فرع من فروع أصول التربية تمخض عن التفاعل  الحتمي بين التربية وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا يدور العلم الأول حول المجتمـع بنظمـه ومؤسساته ومقوماته ويدور العلم الثاني منها حول الإنسان بخصائصه وطرق معيشته ويهـتم  بدراسة الثقافات المختلفة بجوانبها المتعددة وأثرها في نمو تطو الإنسـان وهـو مـا يسـمى الانثروبلوجيا الثقافية كما يهتم بدراسة تطور الإنسان وتكيفه مـع بيئتـه الطبيعيـة ويسـمى  بالانثروبلوجيا الطبيعية ويحاول هذا العلم أي الأصول الاجتماعية والثقافية للتربية التوفيق بين  خصائص الأفراد وصفاتهم وقدراتهم وميولهم وحاجاتهم وبين المجتمع بما له مـن مقومـات ونظم ومؤسسات وظروف جغرافية وسياسية واقتصادية وعلي التربية أن تعمل في إطار ثنائي يضم الفرد والمجتمع معا يراعي ظروفها وحاجاتها ويحقق رغباتها ويلبي مطالبهم في الوقـت نفسه ومن أبرز المداخل في الدراسة العلمية الاجتماعية للتربية مدخل يدرس النظام التعليمـي من داخله وبجميع عناصره وجوانبه والعلاقات المتشابكة والمتداخلة بين هذه العناصر وبينهـا

-         وبين النظام التعليمي الذي يشملها معا ومدخل يدرس النظام التعليمي في علاقاتـه بالأنظمـة الأخرى فالنظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والإداري وغيرها في علاقاتهـا بالنظـام العام وهو المجتمع الذي يضمها كما يدرس العمليات المختلفة التي يعيش فيها الفـرد خـارج النظام التعليمي .

-         إن هذه الاصول تستمد من علم الاجتماع وعلم الانثروبولوجي اي علم دراسة الانسان، وهذه الاصول هي التي حولت التربية من عملية فردية الى عملية اجتماعية ثقافية. ذلك ان المدخل الى فهم التربية ينبغي ألا يكون من زاوية الفرد وحده او من زاوية المجتمع مجردا عن حياة الافراد، بل يجب ان يكون هذا المدخل متكاملا يقوم على الدراسة العضوية بين الفرد وبيئته التي تعني غيره من الافراد وما يعيشون فيه من انظمة وعلاقات وقيم وتقاليد ومفاهيم فالتربية تستمد مقوماتها من المجتمع الذي تعمل فيه كما انها تهدف الى تحويل الفرد من مواطن بالقوة بحكم مولده في المجتمع الى مواطن بالفعل يفهم ادواره الاجتماعية وسط الجماعة التي يعيش بينها ويعرف مسؤولياته ويؤديها على الوجه الاكمل والتربية هي السبيل الى استمرار الثقافة مهما كان الطابع لهذه الثقافة ودرجة تطورها فهي تحدث في المدرسة بطريقة مباشرة والثقافة لا تولد مع الافراد ولا تنتقل اليهم بيولوجيا كما هو الحال بالنسبة للون الشعر او البشرة وانما يكتسبونها بالتعليم والتدريب والممارسة في دوائر ومؤسسات الحياة الاجتماعية التي يعيشون فيها.

-         الأصول الثقافية للتربية:

-         تعني الأسس الثقافية بالنسبة للتربية تلك الحالة المتبادلة بين أوضاع الثقافيـة والأوضـاع التربوية في المجتمع أي أن التأثير المتبادل بين الأوضاع التربوية والأوضاع الثقافيـة داخـل البناء الاجتماعي ونظرا للأهمية النسبية التي تتمتع بها الأوضاع الثقافية في المجتمع بالنسـبة للتربية والفكر التربة بصفة عمة فسوف نتناول الأوضاع الثقافية بشيء من التفصيل . . وإنما كانت الثقافات تختلف باختلاف المجتمعات وباختلاف العصور كان لكل مجتمع نوع  معين من التربية تختلف بدورها باختلاف هذه المجتمعات وباختلاف تـك العصـور . وهـذه الثقافة يعكف علي دراستها علماء دراسة الثقافة اللذين يتبعونها عنـد المجتمعـات المختلفـة

-         وخاصة المجتمعات البدائية وهم ما يعرفون باسم الانثروبولوجيين أي الذين يدرسـون ثقافـة الإنسان وتطوراتها كما يعكف علي دراستها علماء الاجتماع فيدرسون النظم وتجسيدات الثقافة فيها وقد أمدت هذه الدراسات التربويين بمجموعة من الحقائق والمفاهيم الاجتماعية والثقافيـة فتحولت النظرة إلي التربية من عملية فردية إلي عملية اجتماعية ثقافيـة

-         وهذه الأصول الثقافية والاجتماعية هي التي جعلت كثيرا من الأفكار والمفـاهيم الفرديـة تتوارى من المجال التربوي لتصبح العملية التربوية عملية اجتماعية تماما فتتحول النظرة إلـي المعرفة التي يحصلها الناشئين إلي معرفة اجتماعية يصلون إليها من خـلال الخبـرات التـي يتفاعلون معها ثم توظف هذه المعرفة في خدمة الحياة الاجتماعية لهؤلاء الناشئين وهذا يفرض علي المربين أن يدرسوا ثقافة مجتمعهم حتى يدركوا ذلك الارتباط العضوي بين مـا يعلمونـه للناشئين وبين ثقافة مجتمعهم وان يدرس المربون حركة التغير الاجتمـاعي ومسـاراته فـي المجتمع والمطالب المختلفة لنظمه الاجتماعية سواء من القوى البشرية أو التنظيمات الإداريـة

-         والقانونية أو من المستوى التكنولوجي اللازم لها حتى تستجيب لهذه المطالب

-         والتربية تدور في وسط ثقافي ينشط فيه الفرد فتنمو شخصيته بفعل تفاعله بعناصره، وعن طريقة تنظيم خبراته وتعميقها وتوسيع نطاقها.        

-         وتتعمق وظيفة التربية ومؤسساتها من خلال العلوم التي تستند اليها فالمدرسة لا يمكن ان تنفصل عن المجتمع ومنهجها ومحتواها لابد ان يتأثر باتجاهات المجتمع ويعالج مشكلاته كما ان التخطيط للتعليم صفة عامة يقوم اساسا على دراسة طبيعة المجتمع ومشكلاته ونوعية المرحلة التاريخية التي يمر بها.

-         وإقامة التربية على هذه الاصول تعني كذلك تغير النظرة الى المعرفة التي تتناولها المؤسسات التعليمية في توجيه نمو التلاميذ وفي تحقيق اهدافها الاجتماعية فالمعرفة ليست فردية او ذاتية ولكنها تنشا في الخبرة الاجتماعية التي تعني تفاعلات مستمرة بين الفرد وبيئته حيث تأتي من جهد الانسان في مواجهة مشكلات الحياة وبحثه عن حلول لها لذلك فالمعرفة صفة اجتماعية ووظيفة اجتماعية مما يتطلب من المعلم أن يكون واعيا بوظيفة مادته الدراسية في ثقافة مجتمعه وفي العلاقة بينها وبين غيرها في ضوء التغيرات الثقافية والاطار الاجتماعي الذي تؤثر فيه وتتأثر به.

-         التربية لها اصولها الفلسفي

-         ذلك أنه اذا كانت التربية تتأثر بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وبمؤثرات العملية التاريخية، فإنها لابد أن تقوم على دراسة هذه الاوضاع وتلك المؤثرات والاختيار من بينها في ضوء تصورات واتجاهات تحدد مستقبل المجتمع الذي تعمل فيه.    

-         ولما كانت وظيفة الفلسفة تحليل هذه الاوضاع ونقدها نقدا دقيقا لإقامة الاختيار على اساس عملية تواجه به التناقض بين القوى المختلفة والاتجاهات المتضاربة فلا بد أن تكون التربية وثيقة الصلة بوظيفة الفلسفة وأساليبها .

-         وبعبارة اخرى، فانه اذا كانت الفلسفة هي ذلك النشاط الثقافي الذي يعبر فكريا عن اوضاع الثقافة ومشكلاتها ويحاول تعديلها وتطورها فان التربية هي ذلك المجهود العلمي الذي يهدف الى ترجمة قيم هذه الفلسفة الى عادات واتجاهات ومهارات سلوكية لدى الافراد كما يحدث تعديل على مستوى المنظمات الاجتماعية حتى تدعم هذه الاتجاهات والمهارات .

-          وقد يصبح التعليم عملا روتينيا مادامت اهدافه وطرائقه لا تواجهها نظرة واسعة توضح مكانته في الحياة المعاصرة وفي مستقبل المجتمع ومهمة الفلسفة توفير هذه النظرة وعلى هذا النحو تستند التربية الى اصول الفلسفة حيث إنها تعالج الفرد في اطار المجتمع الذي ينتمي اليه ولا بد لها ان تتبنى عملها على مفاهيم واضحة بشان طبيعة الفرد وماهية المجتمع ونوع القيم التي يسعى اليها ونوع النظام السياسي والاقتصادي الذي يحقق هذا النوع من القيم ونوع المواطن الذي ينبغي ان يترجم في سلوكه هذه القيم .

-         والتربية ليست مجرد اهداف واتجاهات وقيم إذ إنها جهد منظم يتمثل في علاقات وتفاعلات بين الافراد العاملين في مجالها والمتصلين بها والمشرفين على توجيهها ومن ثم فلا بد لها من اطار اداري وتنظيمات ادارية تحقق لهذه التفاعلات والعلاقات التنظيم والتنسيق والتوجيه من اجل ترجمة ما تصبو اليه من اهداف، وما تقوم عليه من قيم اجتماعية واقتصادية وسياسية، فالإدارة ليست اجراءات روتينية بل هي تنظيمات تكفل ترجمة الفلسفة التي يتبناها المجتمع الى نظم واساليب واوجه نشاط تتخذ مسارا معينا في الواقع فالإدارة هي عملية تحويل النظريات والفلسفات من مجرد الفكر الى التطبيق الفعلي في صورة منظمة .

-         ولكي يكون الواقع اقرب ما يكون الى الفلسفة التي بنى عليها لابد من مراجعة العمليات الادارية المتضمنة في هذا الواقع والعمل على تقويمها وتعديلها بشكل مستمر وفق النظرية او الفلسفة التي تعبر عنها.

-          والتعليم هو السبيل الاساسي لتحقيق الفلسفة القومية عن طريق اعداد النشء وتدريب الكبار للاضطلاع بالأدوار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي هي نتاج ترجمة لهذه الاهداف. غير ان قدرة التعليم على اداء هذه العملية تتوقف على ادارته، ذلك ان ادارة التعليم هي ادارة السيطرة العملية وتنظيمها وتقويمها فاذا كانت هذه الادارة معطلة وفاسدة فأنها لاشك ستؤثر بالسلب في ادارة التعليم لهذه العملية ذلك ان قوة التعليم تتوقف على قوة ادارته، فقد تتوفر للتعليم امكانات كثيرة مثل المال والكتب الجيدة ومع ذلك لا يحقق الغرض منه لعدم توفر الادارة الجيدة الديمقراطية القائمة على مفاهيم واضحة ومن ناحية اخرى قد تساعد الادارة الجيدة على التغلب على مشكلات نابعة من نقص الامكانات في التعليم كالنقص في الماء او الاثاث ومن هنا تطور التعليم والارتقاء بنوعية وضمان انتاجية على مستوى افضل بشكل مستمر يتطلب النظر اليه من زاوية إدارته

الأصول الاقتصادية للتربية

مفهوم الاقتصاد

لغة : القَصْد فِي الشَّيْءِ: خلافُ الإِفراطِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الإِسراف وَالتَّقْتِيرِ.
 وَالْقَصْدُ فِي الْمَعِيشَةِ: أَن لَا يُسْرِفَ وَلَا يُقَتِّر. يُقَالُ: فُلَانٌ مُقْتَصِدٌ فِي النَّفَقَةِ وَقَدِ اقْتَصَدَ. وَاقْتَصَدَ فُلَانٌ فِي أَمره أَي اسْتَقَامَ. وَقَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ . 
و فِي الْحَدِيثِ: "مَا عالَ مُقْتَصِدٌ وَلَا يَعِيلُ ". أَي مَا افْتَقَرَ مَنْ لَا يُسْرِفُ فِي الإِنفاقِ وَلَا يُقَتِّرُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ

(ابن منظور  المجلد الثالث ، فصل القاف ، ص 354)

Economics تعريف علم الاقتصاد

هناك تعريفات عديدة لعلم الاقتصاد:

• ذكر المصري (2019 ، 49 )أن الاقتصاد " هو العلم الذي يبحث في كيفية إشباع حاجات الإنسان المتعددة والمتزايدة باستخدام الموارد المحدودة في استخدامها البديلة ".

بينما  عرفه كافي (2009  ،115) :

"علم اجتماعي يبحث الاستخدامات المتعددة للموارد الاقتصادية لإنتاج السلع وتوزيعها للاستهلاك في الحاضر والمستقبل بين أفراد المجتمع".

  وعرف حامد؛ و كيلاني ( 2015، 21 )الاقتصاد من المنظور الإسلامي للمفهوم الحديث:

" هو علم يستمد قواعده من أصول التشريع الإسلامي (القرآن - السنة) فهو الانتفاع المشروع للموارد الطبيعية وهو اقتصاد موجه عقائدي أخلاقي واقعي إنساني، يتوخى المصلحة ويحقق العدالة الاجتماعية، ويحل الطيبات ويحرم الخبائث، ويشجع الحوافز الفردية ويحارب الاكتناز والاستغلال".

اقتصاديات التعليم

- وضح الحاج (    2013، 256 ) أن ميدان التربية شهد منذ بداية الستينات من هذا القرن میلاد علم جدید، عرف باسم:        "اقتصاديات التعليم "

وإن كانت بداية المحاولات الأولى ترجع إلى أبعد من ذلك إلى كتابات الاقتصاديين الأوائل أمثال:

 "آدم سمث" و"الفريد مرشال" أو "ماركس" وما تلاهم من محاولات .

غير أن علم اقتصاديات التعليم الذي نعرفه اليوم، كعلم مستقل لم يبرز إلا في عام 1960 على يد الاقتصادي الأمريكي "ثيودرشولتز" أشهر مؤسس  علم اقتصاديات التعليم، وذلك عندما أصبح علم اقتصاديات التعليم خاضعة للبحث الإحصائي، والقياس الكمي، وتقدير عائدات التعليم،  و قیاس رأس المال البشري، واستخدام الأساليب الاقتصادية البحتة في التعليم .

-والتعليم من خلال هذا الفرع العلمي لم يعد خدمة استهلاكية تقدم للأفراد، أو مجرد معرفة ذهنية، بل استثمار مالي في الموارد البشرية، بمعنى أن الانفاق عليهم في سبيل تعليمهم وتثقيفهم للوصول بقدراتهم، وإمكاناتهم الإنتاجية إلى أقصى مستوى، هو نوع من الاستثمار الاقتصادي المربح

تعريفات اقتصاديات التعليم

      عرف العياشي؛ و مداحي ( 2016 ، 117) اقتصاديات التعليم بأنها

«العلم الذي يبحث أمثل الطرق الاستخدام الموارد التعليمية مالية وبشرية وتكنولوجية وزمنية من أجل تكوين البشر بالتعليم والتدريب عقلا وعلم ومهارة وخلقا وذوقا ووجدانا وصحة وعلاقة في المجتمعات التي يعيشون فيها حاضرة أو مستقبلا ومن أجل أحسن توزيع ممكن لهذا التكوين"» .

       وأشارت فايزة اخضر( 2006 ، 46)  الى تعريف كوهن Cohn) ) لاقتصاديات التعليم : «دراسة كيفية اختيار المجتمع وأفراده استخدام الموارد الإنتاجية لإنتاج مختلف أنواع التدريب، و تنمية الشخصية من خلال المعرفة والمهارات وغيرها اعتمادا على التعليم الشكلي خلال فترة زمنية محددة، وكيفية توزيعها بين الأفراد والمجموعات في الحاضر والمستقبل».

رواد اقتصاديات التعليم

  رواد اقتصاديات التعليم  مما ذكره فليه (2003، 17-18)

آدم سميث

اهتم بالعنصر البشري في كتابه المشهور (ثروة الأمم)

الفرد مارشال

أكد على أهمية التربية كاستثمار قومي قيمة هو ما يستثمر في البشر.

ثيودور شولتز

وجه "شولتز" في أبحاثه الرائدة إلى فكرة الاستثمار في البشر مباشرة وبكل وضوح فمفتاح الاستثمار البشري يكمن في التربية

ماركس

احتل عنصر العمل البشري أو الإنساني بمفهومه الواسع مكان الصدارة في الفكر الماركسي

مالتس

اكد على أهمية التربية ومكانتها

كعامل من عوامل التنمية الاقتصادية

فيشر

وضع في نظريته رأس المال المعنوي (العنصر الإنساني)

ضمن عناصر رأس المال .

دينسون

قياس أثر كل العوامل المختلفة ومن بينها (المستوى التربوي) على مستوى الدخل القومي

وليام بيتي

في محاولة لتقدير قيمة الكائن الانساني ذكر أن قيمة البشر تساوي عشرين مرة قدرة مكاسب العمل السنوي العالية .

علاقة التربية بالاقتصاد

لخص حمداوي(66،2015)  علاقة التربية بالاقتصاد على النحو التالي : 

-التربية عملية اقتصادية بامتياز. إذ يتحسن مستوى معيشة الإنسان بالتربية والتعليم. ويحصل على مكاسب وامتيازات مادية ومعنوية عن طريق التربية والتعليم، وتملك الشهادات.

- فالعلاقة بين الاقتصاد والتربية علاقة وثيقة، فمستوى المعيشة يرتبط بالمستويات الثقافية والعلمية التي يصل إليها أفراد المجتمع، فوجود أعداد كبيرة من الأميين يؤدي إلى التخلف، وكلما ارتفع المستوى الاقتصادي وزاد الدخل القومي كلما ازداد التعليم وزاد عدد الطالبين للعلم.

-وتتضح صلة التربية بالأسس الاقتصادية فيما لو نظرنا إلى التربية كقوة ضاغطة في يد طبقة اجتماعية مسيطرة تتحكم بوسائل الإنتاج وتنمية المهارات والقدرات لدى الفئات المتعلمة، فالتعليم يزيد من القدرة على الابتكار، ويسهم في تحسين السلوك، ويطور في الإنتاج.

-أما عن تأثير التربية في النمو الاقتصادي، فيتضح بقوة رأس المال المادي وتأثيره وارتباطه بقدرات الأفراد ومهاراتهم، ولما كان التعليم هو السبيل إلى تكوين المهارات والقدرات عند الأفراد، فإنه يعتبر الأساس في التقدم الاجتماعي والاقتصادي وفي أحداث التنمية...

التنمية: نشاط التكامل

الاقتصادي والاجتماعي، والتوجيه الذاتي لشؤونه، ويقوم العمل فيه على أساس تنسيق

النشاط التعاوني والمساعدات الذاتية للمواطنين، ويصاحب ذلك مساعدات مادية من

المؤسسات الحكومية والأهلية.

(التل،؛ محمود ،2009 ، 298)

عناصر التنمية:

1/ تقديم المساعدات المادية من الهيئات الحكومية والأهلية

2/ تحقيق التكامل بين الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية

3/ تحديد احتياجات المجتمع الفعلية

4/ تشجيع المساعدات الذاتية، باعتبارها حجر الزاوية في برامج التنمية

علاقة التنمية الاقتصادية بالتربية والتعليم

-         مما لا شك فيه أن التعليم هو المصدر الرئيسي، لتكوين المهارات الفنية المتخصصة العالية لدى الأفراد، في استثمار الموارد البشرية باعتبارها أهم الموارد المطلوبة لإحداث التنمية الاقتصادية في الحياة.

-ان الربط بين التربية والتعليم والتنمية الاقتصادية، ليس مجرد ربط كمي فقط، وإنما هو رباط عميق أساسه بناء الانسان الصالح النافع لا تكوين المتخصص فحسب، وإنما تكوين الانسان القوي الأمين القادر على التعبير والإبداع والتجديد في مجال مهنته وخارجها، تحقيقا للتنمية الاقتصادية الشاملة.

-كما أن الهدف الحق للتنمية ليس النمو الاقتصادي، بل الكائن الإنساني، وان غايتها الأولى والأخيرة هي إعداد هذا الكائن الإنساني.

(لوتاه ،2017، ص107)

إن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة في أي مجتمع من المجتمعات يتوقف على إدارة التنمية بعناصرها الثلاثة، وهي :

• الوعي بمشكلة التخلف الاقتصادي والاجتماعي و أبعاده.

• الوعي بضرورة القضاء على مشكلة التخلف الاقتصادي والاجتماعي والتخلص منها.

 • الوعي بأساليب القضاء على مشكلة التخلف الاقتصادي والاجتماعي.

(التل،؛ و محمود ،2009 ، ص 308)

 


[1] العظامات، خديجة. التأثير السلبي لوسائل تكنولوجيا الاتصال الحديثة على تربية النشء. (2018). مجلة جامعة النجاح للأبحاث (العلوم الإنسانية). المجلد 32(10) 2018.

[2] عمر، أحمد مختار عبد الحميد. المرجع السابق.

[3] باشا، ماجد، وحسان شمسي، (2020) وسائل التواصل الاجتماعي رحلة في الأعماق. جدة: دار البشير.

[4] عبد العزيز، فاطمة سامي ناجي. (2011). المخاطر الناجمة من الالعاب الالكترونية التي يمارسها طفل الروضة واساليب الوقاية منها. مجلة كلية التربية، ع 43 ،601 - 656 .

[5] المؤتمر العلمي الدولي السنوي الرابع لكلية الشريعة بجامعة النجاح الوطنية فلسطين، ٢٠١٤، (وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على المجتمع)

[6] العمر، ناصر بن سليمان، البث المباشر حقائق وأرقام، جامع الكتب الإسلامية.

[7] عثمان، أماني خميس محمد. أثر الألعاب الالكترونية على سلوكيات أطفال المرحلة الابتدائية العليا. المجلة العلمية في جامعة أسيوط. المجلد 34، العدد الأول يناير 2018.

انتهى بحمد الله،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق