الثلاثاء، 7 مارس 2023

اهتمام التربية بالدراسات المستقبلية

 

أحمد الحق تبارك وتعالى وأصلي وأسلم على أشرف الخلق محمد بن عبدالله r وبعد:

تعد الدراسات المستقبلية ضرورة ملحة وليست حالة من الترف البحثي، حيث أن المتغيرات المتسارعة تستوجب للمعنيين بمستقبل الأمة الالتفات إليها وجعلها قمة هرم الاستشراف للمستجدات والمتغيرات؛ للاستعداد الأمثل لمواجهة المستقبل في شتى مجالات الحياة.

ومنها التربية فهي من أهم المجالات التي تحتاج إلى الدراسات المستقبلية؛ لما تشكله من تأثير كبير في بناء شخصية والمجتمع.

اهتمام التربية بالدراسات المستقبلية

     إن الهدف النهائي والحقيقي لمحاولة استكشاف المستقبل وتوقعه هو التمكن من السيطرة عليه من أجل تحقيق عالم أفضل يعيش فيه الإنسان، ومعظم المشكلات التي نعاني منها في الوقت الحاضر هي نتيجة لقصر النظرة المستقبلية، ولإهمال التوقعات والتحذيرات. والتغيير يتوقف على المعلومات المتوفرة والقرارات الرشيدة التي تتخذ في السياسات التعليمية والإعداد للتعليم في المستقبل.

     ونظام التعليم مسؤول عن التثقيف والتنوير بالمستقبل؛ ليترسخ في عقل المجتمع ويتكون وعي ثقافي بمفهوم ناضج عن المستقبل. (عبدالقادر، 1990م: 94، 95).

     فكل الجهود التي تبذل من الحكومات والجهات ذات العلاقة تسعى لتحقيق هدف واحد مشترك، وهو استشراف المستقبل والاستعداد الجيد للمتغيرات المتوقعة والإعداد المناسب لها وفق قواعد البيانات المتاحة لها.

     "بالرغم من أن التعليم قديم بقدم الإنسانية وقدم المنظمات، فإن أساليبه وأهدافه وأدواته تتغير لتغير الظروف وتبدل المهارات وتطور التقنيات، فما كان ملائما ومناسبا منذ سنوات قليلة قد لا يكون كذلك اليوم" (موسى وآخرون، 2021م :82). 

     من عوامل نجاح استشراف المستقبل في التربية أن تهتم بالتطوير والتجديد في الأساليب والأهداف والأدوات وغيرها بما يتناسب مع المستجدات والمتغيرات المتوقعة، وعند الحديث عن الأساليب التربوية بشيء من التفصيل.

 نجد أن الأسلوب: هو الطريق، والوجه، والمذهب، ويجمع على أساليب. الطرق التربوية التي يستخدمها المربي لتنشئة المتربين التنشئة وهي الصالحة. وتتميز التربية الإسلامية بتنوع أساليبها وتعددها، بما يتيح للمربي اختيار الأنسب والأفضل لطبيعة المتربي، بما يجعله يستجيب لمؤثراتها النفسية.

     إن لتنوع الأساليب التربوية أهمية كبيرة في العملية التربوية، يمكن إيضاحها فيما يلي:

1/ إن تعدد الأساليب التربوية وتنوعها عامل مشوق، فالموعظة التي تحتوي على القصة وضرب الأمثال، والعبرة المؤثرة، والترغيب والترهيب، تكون أكثر وقعاً من الموعظة المجردة، أو الأسلوب الأحادي.

2/ تمكن المربي من اختيار ما يناسب واقع الحال للمتربي ، والظروف المحيطة به.

3/ اختلاف تقبل الناس للأساليب التربوية، يعزز أهمية تنوعها، فالبعض يعتبر ويتأثر بالقدوة التي يشاهدها، والبعض يتأثر بالأسلوب العاطفي الذي يتضمنه أسلوب الترغيب والترهيب، والبعض لديه معلومات أو أفكار سابقة منحرفة أو غير صحيحة، ولا يجدي فيه إلا الأسلوب الحواري الذي يجلي ويصحح ما لديه من أوهام وشبه.

ولذلك فإن على المربي أن ينظر في واقع حال المتربي، والأسلوب الأمثل الذي يؤثر فيه، وأن ينوع من الأساليب التربوية، لأن النفس قد تمل من الطريقة الواحدة المكررة، وفي المباحث التالية أهم الأساليب التربوية التي يمكن للمربي أن يأخذ بها (الحازمي، 1430ه: 435، 436).

     وكما أن التربية تسعى إلى التجديد والتطوير واستشراف المستقبل، كذلك على المعلم أن يطور من مهاراته وأساليبه بما يتوافق مع متغيرات العصر، فقد أصبح هناك تنوع واختلاف جلي في القدوات عبر وسائل التواصل والألعاب الإلكترونية المختلفة.

     ولعل من أهم ما يمكن أن يؤثر في بناء الفرد، هو غرس القيم الإسلامية في نفسه؛ لتكون هي المتحكم في قراراته واختياراته، وللحديث عن القيم بشيء من التفصيل.

القيم:

     كلمة القيم من الكلمات الشائعة الاستخدام، وهي كثيرة التردد عل. ألسنة التربويين والمفكرين والمثقفين وغيرهم مما يشير إلي ما تحتله هذه الكلمة من اهتمام في مجالات مختلفة مثل الفلسفة والتربية وعلم الاجتماع والاقتصاد وعلم النفس والدين وغير ذلك.

 القيمة في اللغة:

      القيمة: واحدة القيم. والقيم جمع قيمة بكسر القاف. وهي الاستقامة والاعتدال (الفيروزآبادي، 1998م: 1152).

     وتظهر الأصول اللغوية أن كلمة القيمة مشتقة من الفعل (قوم) الذي تتعدد موارده ومعانيه، وقد استخدمت العرب هذا الفعل للدلالة علي معان عدة منها:

 1/ الديمومة والثبات: وهو ما يشير إليه أصل الفعل (قوم) لأنه يدل علي القيام مقام الشئ – يقال (ما له قيمة: إذا لم يدل على الشيء ولم يثبت عليه) ومنه قوله عز وجل (عذاب مقيم) (سورة الشوري: 45) أي دائم. وقوله (إن المتقين في مقام أمين ) (سورة الدخان: 51) أي في مكان تدوم إقامتهم فيه.

2/ السياسة والرعاية: ومنه ما قالته العرب عن الذي يرعي القوم ويسوسهم (فالقيم: السيد، وسائس الأمر) (والرجل قيم أهل بيته وقيامهم: يقوم بأمرهم) (ابن منظور، د ت: 502).

القيمة في الاصطلاح:

     تعددت تعريفات القيم وتنوعت وهذا نتيجة لأنها حظيت باهتمام كثير من الباحثين في تخصصات مختلفة، ولهذا اختلف الباحثون في وضع تعريف محدد لها، ومرد ذلك الاختلاف يعزي إلي المنطلقات النظرية التخصصية لهم، وتبعاً للحقول المعرفية التي يشتغلون عليها، فمنهم علماء الدين وعلماء النفس وعلماء الاجتماع وعلماء الاقتصاد وعلماء الرياضيات وعلماء اللغة، ولكل منهم مفهومه الخاص الذي يتفق مع تخصصه.

القيم التربوية:

     تعرف القيم التربوية بأنها: السلوك المكتسب في المجال التربوي سواء كان موجباً

أو سالباً (قطب،١٩٨٠م: 24)

     ويعرفها محمد صلاح الدين مجاور بأنها: عبارة عن مجموعة من المعايير التي يحكم عليها الناس بأنها حسنه، ويريدونها لأنفسهم، ويبحثون عنها، ويكافحون في سبيل تقديمها للأجيال القادمة والإبقاء عليها جزءاً حياً مقبولاً من التراث الـذي تعامل به الناس جيلاً بعد جيل (مجاور، 1976م: 144).

 ويقول زاهر: القيم التربوية هي مجموعة الأحكام المعيارية المتصلة بمضامين واقعية يتشربها الفرد من خلال انفعاله وتفاعله مع المواقف والخبرات المختلفة، ويشترط أن تنال هذه الأحكام قبولاً من جماعة اجتماعية معينة حتى تتجسد في سياقات الفرد السلوكية أو اللفظية أو اتجاهاته أو اهتماماته (زاهر، 1996م: 24).

    فالقيم لن تتغير؛ لأنها ثوابت، لكن التجديد والتطوير واستشراف المستقبل يكون بما يتناسب مع هذه القيم الراسخة والمحافظة عليها.

الحاجة الى الدراسات المستقبلية في التربية

    تعد عملية استشراف المستقبل عملية ملازمة للإنسان منذ بداية الخليقة، ولكن الفرق بين عمليات استشراف المستقبل في الوقت الحالي، وبين المراحل الأولى في حياة البشرية، أن عملية الاستشراف في الوقت الحالي تقوم على وقائع ملموسة وبطريقة علمية (سالم،2012م: 53).

     وهذا يؤكد ضرورة الحاجة أن تكون الدراسات المستقبلية مبنية بطريقة علمية صحيحة؛ لتعطي أكبر نسبة صحيحة متوقعة.

     واستشراف المستقبل ضرورة يحثنا عليها ديننا الإسلامي الحنيف الذي يدعونا إلى العمل المستمر لمستقبل أفضل، فالقرآن الكريم والسنة النبوية تحض على العمل المستقبلي، وأن التربية هي المحرك الرئيس لذلك.

     كما أن استشراف مستقبل التربية ضرورة حياتية تفرضها طبيعة التربية المعاصرة وما تتصف به من أنها تربية مستمرة للحياة والتي تشهد الآن تطورات سريعة في مختلف جوانبها ولعل أبرز هذه التطورات قد ظهرت بوضوح في ميدان التقنية والمعلومات والاتصالات وانعكاس ذلك من نتائج كثير من الحقول والميادين الأخرى.

     والاستشراف في المجال التربوي ضرورة للتخطيط من أجل المستقبل بما يوفر فرص أفضل لإعادة هيكلة نظام التعليم ووضع أسس واضحة لصيغ الإنفاق المستقبلية على عناصر العملية التعليمية، وتحقيق التطور اللازم في المناهج لتتلاءم مع المستجدات والتطورات التي يشهدها المستقبل. فالتخطيط التعليمي الفعال هو الذي يضع كافة المتغيرات والتوقعات المستقبلية في حسبانه (دهيش، 2005م: 35، 36).

     فيتضح مما سبق مدى الحاجة البحثية لمجال استشراف المستقبل في العملية التربوية والتعليمية، والتخطيط المناسب الذي يسهم في استشراف أمثل، ولعل ما أورده عابدين من خصائص توضح أهمية الاستشراف للمستقبل.

1/ يهدف التجديد إلى حل مشكلات قائمة، أو محاولة منع حدوث مشكلات في المستقبل.

2/ التجديد نشاط هادف ومقصود، يتم التخطيط له مسبقاً، جزئياً أو كلياً.

3/ يحدث التجديد في أطر اجتماعية أو مؤسسية أو فردية.

4/ ينتج عن التجديد فوائد خاصة بالنظام الاجتماعي ككل، أو بعض مؤسساته أو أفراده، وتتطلب هذه الفوائد في حالة التربية والتعليم خاصة مقاييس موضوعية لتحديدها، لاسيما أن هذه الفوائد عادة ما يتأخر ظهورها في حالة التجديدات التربوية.

5/ التجديد عملية تعاونية ومستمرة ومرنة.

6/ يتطلب التجديد أناساً مجددين لهم عقول متميزة وقدرة خلاقة على عرض الأفكار بشكل واقعي.

7/ يتطلب التجديد تجريباً متأنياً، مصحوباً بتقويم موضوعي، ثم تدرجاً في التعميم مع استمرار التقويم.

8/ التجديد يمكن أن يأتي من الداخل، ولا مانع من الاستفادة من تجارب الدول الأخرى، مع مراعاة تباين الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين الدول خاصة في حالة التجديد التربوي (عابدين، 2007م: 139، 140)

     تعد التربية المستقبلية مفتاح للتربية الحديثة تفرضه التحديات المستقبلية، كما يفرضه واقع التربية من تضاؤل قدرتها على مواجهة هذه التحديات، وتزداد أهمية التربية المستقبلية نتيجة للدور الذي يمكن أن تقوم به في إصلاح النظام التربوي، والمتمثل في انفصال التربية عن العمل وانعدام الصلة بين مخرجات التعليم وحاجات التنمية المجتمعية، وتركيز النظام التربوي على حشو العقول بكمية هائلة من المعلومات، وتعمل التربية المستقبلية على إعادة النظر بهيكل التعليم وتحسين نوعيته من خلال تغير محتواه المعرفي وطرق التدريس ودور المعلم وطرق تأهيله والأبنية والإدارة المدرسية، كما أنها دعوة للاستفادة من مخرجات التكنولوجيا في التعليم وربطها في المجتمع والحياة، إنها دعوة للتغيير التربوي والمجتمعي كان الهدف اللحاق بالدول المتقدمة وجني ثمار التقدم العلمي (موسى وآخرون، 2021م :83).

وهناك حاجة ماسة إلى الدراسات المستقبلية في التربية، ويخلص الباحث الأمور التي تدل على الحاجة إليه في النقاط التالية:

1/ الانفجار المعرفي في العصر الحاضر.

2/ تساعد الدراسات المستقبلية في عملية التجديد التربوي بما فيها أهدافها وسياساتها.

3/ تساعد في تقدم ورقي التعليم وتطويره .

4/ تساعد في عملية التخطيط التربوي.

5/ نشر ثقافة الدراسات المستقبلية في جامعات العالم الإسلامي.

6/ إنشاء المعاهد والمراكز المتخصصة في الدراسات المستقبلية التربوية.

7/ محاولة الدخول إلى المستقبل من خلال الخصوصية في الحاضر انطلاقا من الماضي.

8/ تساعد في تنبؤ المشكلات (مدني، موقع إلكتروني).

التعليم المستقبلي:

     تشير الكثير من التوقعات لعام 2050 إلى أننا سنعيش في عالم مختلف تمامًا بحلول منتصف هذا القرن، فهناك 7.8 مليار نسمة يعيش على هذا الكوكب وفقاً لتقديرات شعبة السكان بالأمم المتحدة، والذي صدر بتاريخ 1 يوليو عام 2020 .

     تتوقع الأمم المتحدة أن يكون الرقم أقرب إلى 9.9 مليار بحلول عام 2050 ، ذلك يعنى قفزة تتجاوز ما نسبته 30 بالمائة.

     وفي ظل هذا التسارع البشري، ليس من الصعب تصديق أن كل أشكال الحياة ستبدو مختلفة. يعتقد أن الأمر يستحق السؤال - هل ستكون الكليات والجامعات مناسبة للحلول التي تتطلبها الحياة عام 2050؟

     وعند النظر إلى جميع التغييرات التي طرأت على التعليم العالي على مدى العقود الثلاثة الماضية ، يبدو لنا أن محاولة توقع ما سيتغير خلال الثلاثين عامًا القادمة مهمة معقولة ، لا سيما خلال هذه اللحظة من تاريخ أمتنا وتأثير الوباء العالمي الذي نتأثر به جميعًا. فعلى مدار الثلاثين عامًا الماضية ، شهدنا اعتمادًا واسع النطاق للنُهج التربوية التي تركز على الطالب، إضافة إلى نمو التعلم التجريبي والمجتمعي. كما رأينا أن تبنى التقنية تساعد في دعم الابتكار في التدريس والتعلم ، وشهدنا استثمارًا متزايدًا في نماذج تصميم التعليم المختلفة، وحيث أصبح التعلم النشط والتكيفي والشخصي أكثر بروزًا.

     تعد التكنولوجيا الآن جزءًا رئيسًا من الفصل الدراسي ، وربما حلت السبورات الذكية محل السبورات التقليدية. ولكن لا تزال الفرضية الأساسية كما هي - يقف المعلم في الصفوف الأمامية المواجهة لصفوف من المقاعد التي يجلس الطلاب خلفها.

      خلال السنوات القادمة سيتخذ التعليم نهجًا فرديًا بصورة أكثر، مما سوف يتسبب في منح الأولوية للتعليم المنزلي، وحيث سيتمكن الطلاب من الدراسة وتعلم ما يريدون ، وعندما يريدون ، وللمدة التي يريدون. كما أن التعليم المنزلي سيوفر المزيد من الحرية الجسدية والعاطفية والدينية بالإضافة إلى توفير فرصة لقضاء المزيد من الوقت مع العائلةمن جانب آخر، يتم إنفاق أموال أقل بكثير على التعليم المنزلي مقارنة بالمدارس العامة العادية، بالإضافة إلى أن البيئة الدراسية أكثر ملاءمة في المنزل، وخاصة عند النظر إلى أن ضغط الأقران والمنافسة والملل والتنمر لم يعد جزءًا من عملية التعليم.

     يعزز التعلم الشخصي تحسين وتيرة التعليم والنهج التعليمي لاحتياجات كل متعلم، من خلال تقديم أدوات ومنهجيات دراسية تتكيف مع قدرات الطالب. ونتيجة لذلك ، أولئك الذين يواجهون صعوبات في موضوع ما سيحصلون على فرصة لممارسة المزيد حتى يصلوا إلى المستوى المطلوب، حيث يوفر التعلم المتخصص:

·         منهج فردي وذاتي السرعة يتيح التعلم المريح والفعال.

·         بيئة تعليمية تلتزم باحتياجات الطالب.

·         التقنيات التي تثري إمكانات التعلم وتعزز الإبداع.

·         فحوصات متكررة للمهارات تساعد الطلاب في المحافظة على تقدم دراسي مستمر

وتقنيات البرمجة، والروبوتات ، والتطبيقات المتنوعة التي تساعد المعلمين على تقديم المعلومات بكفاءة ستصبح شائعة. سوف تسهل التقنيات عملية التدريس والتعلم. سيصبح التعلم عملي وأكثر إبداعًا. سيتم تقييم الطلاب على مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات. سيتم استبدال أداء الاختبارات بأداء الطلاب من خلال المشاريع الإبداعية.

     يجمع التعلم المعتمد على المشروعات العملية بين الإبداع والتعاون لحل المشكلات والمهام الصعبة ، ويوفر اتصالاً بالعالم الحقيقي ، وتعاونًا منظمًا ، كما تعمل تكنولوجيا التعليم في المدارس على تحسين المعرفة الرقمية التي تمكن الطلاب من إتقان المهارات التقنية .

     وبمساعدة التكنولوجيا ، ستخضع طريقة نقل المعرفة لتحول كبير نحو المنصات عبر الإنترنت. سوف يتضمن التعلم الافتراضي وجهات نظر متعددة. ستوفر المنصات الجديدة للطلاب فرصة لتعلم كيفية مناقشة القضايا وتبادل الأفكار عبر الإنترنت. سيكون هناك المزيد من منصات التعلم الإلكتروني، حيث أن :

·         التعلم الإلكتروني في متناول الأشخاص ذوي الميزانية المحدودة.

·         التعلم عن بعد يمزج بين الدراسة والعمل والواجبات الأسرية ويحافظ على التوازن بينهما.

·         الحضور المادي غير مطلوب ، لذا يصبح التعلم ميسور التكلفة في أي ركن من أركان العالم.

     لن يقتصر دور المعلم على نقل المعرفة فحسب ، بل سيتمثل أيضًا في تحديد نقاط قوة الطالب واهتماماته وقيمه. ستكون وظيفتهم الأساسية هي توجيه الطلاب في المجالات التي يحتاجون فيها إلى التوجيه كمبدعينيقوم المعلمون بدور الميسرين لدعم الطلاب في تطوير طريقة تفكيرهم وتعلمهم، كما يطور المعلمون خطط تعلم للطلاب للحصول على كل مجموعة المهارات اللازمة للتكيف مع أي نموذج مهني سيظهر.

     وفقًا للتقرير الصادر عن مشروع المعلم الجديد ، يحتاج المعلمون إلى "إعادة التفكير في أساليب التدريس والمناهج الدراسية بطرق تمكن الطلاب من تخصيص مساراتهم". كما من المتوقع أن يكون هناك زيادة في معرفة المعلمين بالمحتوى التكنولوجي التربوي بما في ذلك ثلاث مكونات رئيسية: التكنولوجيا وعلم أصول التدريس والمحتوى.

    لتزدهر في مكان العمل في المستقبل ، ستصبح مهارات مثل الإبداع والتعاون والتواصل وحل المشكلات كفاءات لا غنى عنها للمتخصصين في المستقبل حيث سيشهد السوق زيادة هائلة في الوظائف التي تتطلب مجموعة المهارات المذكورةفي الفصل ، يتم تعليم الطلاب المهارات الاجتماعية والعاطفية من خلال المناقشات والعمل الجماعي التعاوني وحل المشكلات والتفكير الجماعيتعمل الأنشطة اللامنهجية مثل الرياضة والموسيقى كمسرعات لاكتساب المهارات الاجتماعية والعاطفية بشكل أسرع. وجدت دراسة وطنية أجريت عام 2015 أن المهارات الاجتماعية المبكرة قللت من مشاكل التعليم والتوظيف والنشاط الإجرامي وتعاطي المخدرات. (حايك، 2021م: مدونة).

التربية الأسرية والاجتماعية المستقبلية:

     الأسرة هي نواة المجتمع ومصدر نمائه وتكوين كيانه المجتمعي والتربوي وهي تمثل الحاضنة الأولى للأبناء والراعي الرئيس لاحتياجاتهم والحامي للمجتمع من التفكك والانحلال، وذلك لتعدد الوظائف التي تقوم بها الأسرة (النفسية والاجتماعية والاقتصادية والبيولوجية والتربوية والعقلية(.

     ويجب على الأسرة أن تعي بناء ثقافة التخطيط بما يتناسب مع الإمكانات المتاحة لها وبما يمكنها من توفير احتياجات أبنائها والعناية بهم.

     وبناء ثقافة التخطيط للأسرة بما يتناسب مع الإمكانات المتاحة لهذه الأسرة؛ وفي هذا توجيه جميل وهادف يدفع الأسرة بالتفكير في المستقبل المقبل والتخطيط له بطموح متوازن يراعي فيه جوانب عديدة من أهمها الإمكانات المتاحة لها.

      ولا شك أن كثير من المشكلات الأسرية والخلافات وأسباب الطلاق تعود إلى الوضع الاقتصادي لتلك الأسرة التي فرضتها الظروف المجتمعية والناتجة عن التغير السريع الذي يمر به المجتمع ويؤثر في كل أجزائه بما فيهم الأسرة، وارتفاع سقف عجز الأسرة عن إشباع رغبات أفرادها غير الأساسية (الثانوية) مما يجعل كثيرًا من الأبناء يعيشون حالة من الاكتئاب والشعور بالنقص وتدني تقدير الذات وخصوصًا أن الشباب والفتيات في هذه المرحلة يميلون إلى التقليد والاندفاع مما يوجد اتجاهات لديهم وفقًا لما يسمونه بالثقافة الشبابية قدوة تتوافر فيها الحداثة والعصرية حتى يواكبوا التغير وهذا يجعلهم قد يتجهون وجهات لا تتوافق مع القيم والعادات والتقاليد الأصيلة في المجتمع والمستمدة من ديننا الإسلامي.

     لذا نحن بحاجة فعلاً إلى تعزيز قدرة الأسرة على استشراف المستقبل والتخطيط له ببرامج تطويرية تسهم في تقديمها جميع مؤسسات المجتمع المدني ولعلنا هنا نشير إلى عدد من الخطوات التي ينبغي البدء بها للمساهمة في دعم ثقافة التخطيط لدى الأسرة:

1/ ضرورة وضع استراتيجية للروتين اليومي للأسرة ومشاركة الأبناء في بنائه وإقراره والعمل به، مع مشاركتهم في صنع القرارات ووضع الميزانيات والخطط المستقبلية للأسرة وتشجيعهم على ممارسة التفكير الحر المتوازن والمشاركة في تكوين الرأي للجميع.

2/ توعية الشباب والفتيات بحاجة الوطن لهم وضرورة إحساسهم بالمسؤولية المجتمعية التي تقلل من حب الذات والأنانية والفردية.

3/ تدريب الأبناء على الاستقلال والاعتماد على النفس، وإشعارهم بأنهم جيل الشباب جيل العمل والإنتاج، جيل القوة، والطاقة، والمهارة، التي تحتاجها الأسرة والمجتمع معًا.

4/ أهمية تشجيع أفراد الأسرة على المشاركة في جميع شؤون مجتمعهم المحلي والقومي حيث إن المشاركة الشعبية والتطوعية إحدى الوسائل التي تسهم في التعرف على مسيرة وخطط التنمية ودعمها.

5/ توفير فرص التعبير للأبناء عن آرائهم واتجاهاتهم ورغباتهم مع الحرص على تشجيعهم على استثمار وقت فراغهم بما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وتوجيه طاقاتهم لممارسة الأنشطة الثقافية والرياضية والصحية.

6/ تبصير الشباب بالمشكلات التي يمكن أن يتعرضوا لها مستقبلاً نتيجة الاحتكاك برفقاء السوء مثل (التدخين - الإدمان - وغيره) مع ملازمتهم ومتابعة سلوكهم وفتح باب الحوار معهم وتوجيههم التوجيه الأبوي الهادئ الذي يشعرهم بالأمان والحماية من رفقاء السوء (الغشيان، 2016م: صحيفة الجزيرة).

التعليم الجامعي ومدى مساهمة بحوثه في دراسة المستقبل

     تقوم فلسفة التعليم العالي بشكل عام على تنمية المعارف والمهارات لدى الطلبة، وتشجيع روح البحث العلمي وأساليبه المتعارف عليها، وذلك بهدف رفد المجتمع بالكوادر والكفاءات المتخصصة القادرة على المشاركة الفاعلة والحقيقية في بناء مجتمع مؤسساتي متطور في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية والتكنولوجية التي باتت تشكل سمة هذا العصر وشغله الشاغل. وتعتبر الجامعات على وجه التحديد مركز اشعاع علمي وتنوير ثقافي تهتم بإعداد الكوادر ومتابعتهم للتحصيل العلمي واستثمار الفرص لتنمية المجتمع بصورة عامة، حيث تبرز أهمية التعليم العالي والدراسات العليا في تحقيق التنمية الشاملة بشقيها الاقتصادي والاجتماعي والذي لا يتحقق إلا بفضل تنمية العنصر البشري الذي هو الأساس في التنمية (دويكات، 2009م: 21)

     مما سبق يتضح أن للجامعات أهمية بالغة في تحقيق التنمية الشاملة للمجتمع، ودورها في استشراف المستقبل، وإعداد كوادر تعي أهمية التخطيط المستقبلي.

     "يحتل التعليم أهمية كبيرة لدى القطاعين العام والخاص والمجتمعات على حد سواء، فمن خلاله تستطيع الحكومات توجيه إعداد الموارد البشرية وتنميتها وتطويرها بما يتلائم مع خططها الاستراتيجية التي تمس جميع القطاعات" (موسى وآخرون، 2021م :82).   

     فالتعليم موجه للموارد البشرية، إن أعد خططه الاستشرافية بما يتناسب مع متغيرات العصر، سوف يحقق أفضل النتائج على أرض الواقع من خلال الكوادر البشرية المعدة لذلك.  

هناك العديد من الأبحاث والدراسات للجامعات على سبيل المثال وليس الحصر – حسب علم الباحث - :

1/ استشراف المستقبل في ضوء الحديث النبوي الشريف، محمد بشار محمد أمين الفيضي، مؤتة للبحوث والدراسات، المجلد التاسع عشر، العدد الرابع، 2004م.

2/ استشراف المستقبل في مناهج الدراسات الاجتماعية بمراحل التعليم قبل الجامعي (دراسة تقويمية) د. عيد عبدالغني الديب، جامعة جنوب الوادي كلية التربية بسوهاج، المجلة التربوية، العدد السابع عشر، يناير 2002م

3/ استشراف مستقبل التعليم في البلدان العربية دليل مقترح لتمويل التعليم العالي، حسين مصطفى هلال، جامعة الدول العربية، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، مصر.

4/ استشراف مستقبل تقنية المعلومات في مجال التعليم، عبدالله عبدالعزيز الهدلق، رسالة التربية وعلم النفس، الرياض، 2001م.

 اهتمامات وجهود المملكة العربية السعودية:

وكالة الأنباء السعودية / عام / وزارة التعليم توقع مذكرة تفاهم لتطوير منظومة التعليم الرقمية مع نظيرتها الإماراتية الأربعاء 1440/8/5 هـ

https://www.spa.gov.sa/1911509   

وكالة الأنباء السعودية / عام / مركز البحوث والتواصل المعرفي يحتفي بعودة مبتعثين في الدراسات المستقبلية. الرياض 08 ربيع الأول 1443 هـ 

https://www.spa.gov.sa/viewfullstory.php?lang=ar&newsid=2295306       

وكالة الأنباء السعودية / عام / جامعة الملك عبدالعزيز تطلق فعاليات مؤتمر الأسرة السعودية واستشراف المستقبل غداً  الأحد 1442/2/24 هـ 

https://www.spa.gov.sa/2143389?lang=ar&newsid=2143389        

مركز الدراسات الاستشرافية بجامعة الأمير محمد بن فهد

https://www.pmu.edu.sa/news/2021/f81ee6da-b1f2-4ab7-80ed-cf7f38021e22/index     

 فريق بحثي متخصص باستشراف المستقبل تحت إشراف الأستاذ الدكتور إبراهيم العبيد متخصص في أصول التربية

https://twitter.com/ForesightGroup2?t=MBv94u6Bjt-vZwAOReq1yA&s=09      

تم بحمد الله

المصادر والمراجع

القرآن الكريم

1/ دهيش، خالد عبدالله، استشراف مستقبل التعليم العام في المملكة العربية السعودية، المؤتمر العربي الأول لاستشراف مستقبل التعليم، ورشة عمل استشراف المستقبل، شرم الشيخ، مصر، 2005م

2/ دويكات، خالد عبدالجليل، دور الدراسات العليا والبحث العلمي في تحقيق التنمية المستدامة في فلسطين، من وقائع مؤتمر استشراف مستقبل الدراسات العليا في فلسطين، جامعة النجاح الوطنية،  2009م

3/ عابدين، محمود عباس، تفعيل وظيفة المدرسة في التجديد التربوي، مجلة رابطة التربية الحديثة، السنة الأولى، العدد الأول، نوفمبر 2007م

4/ عبدالقادر، مصطفى، استشراف المستقبل ودور التعليم المصري في تحقيقه، دراسات تربوية، المجلد الخامس، الجزء الرابع، رابطة التربية الحديثة، 1990م

5/ موسى، إيناس داود، محمد سليم الزبون. التحديات التي تواجه المعلمين في تنمية مهارات المستقبل لدى الطلبة، جامعة أسيوط، كلية التربية، المجلة العلمية، إدارة البحوث والنشر، المجلد السابع والثلاثون، العدد الثامن، أغسطس 2021م

6/ سالم، عبدالمقصود، توظيف مفهوم تربية المستقبل عند إدجار موران في منهج التربية الإسلامية، بحث منشور بمجلة التجديد بماليزيا، المجلد السادس عشر، العدد الحادي والثلاثون، 2012م

7/ الحازمي، خالد حامد، أصول التربية الإسلامية، دار الزمان، الطبعة الثالثة. المدينة المنورة: 1430ه

8/ الفيروزآبادي، مجد الدين : القاموس المحيط ، ط6، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1998م.

محمد مرتضي الزبيدي: شرح القاموس المسمي تاج العروس من جواهر القاموس، المطبعة الخيرية، مصر، 1306هـ.

9/ ابن منظور: لسان العرب، بیروت، دار صادر، د. ت.

10/ أحمد رضا: معجم متن اللغة، بيروت، دار مكتبة الحياة، 1960م

11/ محمد قطب: منهج التربية الإسلامية، ج١، دارالشروق، بيروت،١٩٨٠م.

12/ مجاور، محمد صلاح الدين: تدريس التربية الإسلامية (أسسه وتطبيقاته التربوية)، دار العلم، دمشق، 1976م

13/ زاهر، ضياء : القيم في العملية التربوية، مركز الكتاب للنشر، 1996م

 14 / مدني، محمد بن عبدالرحمن، موقع مدونة https://2u.pw/Gxo6y9

 الزيارة بتاريخ

 1/ 6 / 1444ه الساعة 1.00 صباحا

15/ مدونة نسيج، أكاديمية نسيج: التعليم من أجل المستقبل – كيف سيبدو شكل التعليم في عام 2050م، بواسطة هيام حايك، https://2u.pw/0JXPEy    الدخول 10 / 2 / 2023م

16/ صحيفة الجزيرة: نادية الغشيان: تنمية الأسرة أساس لنجاح رؤية 2030 https://www.al-jazirah.com/2016/20160724/wz3.htm   

الدخول 10 / 2 / 2023م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق