الأحد، 5 مارس 2023

مفهوم التراث التربوي الإسلامي

 

قراءات في التراث التربوي الإسلامي

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

مما لا شك فيه أن إيضاح مفردات مقرر - قراءات في التراث التربوي الإسلامي-  تعطي الباحث بعد فكري أوسع ونظرة أشمل للبحث وإمعان النظر في النصوص التربوية  في تراثنا الإسلامي العريق.

بناءً على ذلك سوف يتم استعراض بعضاً مما جاء عند أهل اللغة العربية من تعاريف، ثم يتم التعريج على ما أورده أهل الاصطلاح، يأتي بعد ذلك التعليق على ما تم إيراده وبيانه كتعريف إجرائي للباحث.

التراث لغة:

إن أصل كلمة (تراث) من مادة (ورث)

https://2u.pw/zlYQU     موقع العربي – شبكة بحوث وتقارير

حيث جاء في لسان العرب: وَرِثَهُ مالَهُ ومَجْدَهُ، وَوَرِثَه عنه وِرْثاً وَرِثَةً وَوِراثَةً وإِراثَةً. أَبو زيد: وَرِثَ فلانٌ أَباه يَرِثُهُ وِراثَةً ومِيراثاً ومَيراثاً. وأَوْرَثَ الرجلُ وَلَدَهُ مالاً إِيراثاً حَسَناً .ويقال: وَرِثْتُ فلاناً مالاً أَرِثُه وِرْثاً وَوَرْثاً إُذا ماتَ مُوَرِّثُكَ، فصار ميراثه لك.

والوِرْثُ والإِرْثُ والتُّرَاثُ والمِيراثُ: ما وُرِثَ؛ وقيل: الوِرْث والميراثُ في المال، والإِرْثُ في الحسَب.

لسان العرب – ابن منظور – دار المعارف – القاهرة -  المجلد السادس – الجزء 51 –      ص ص 4808، 4809 

وجاء في القاموس المحيط: ورث أباهُ، و- منه بكسر الراءِ، يَرِثُهُ، كَيعِدُهُ، وِرثاً ووِراثَةً، بكسر الكُلِّ، وأورثَه أبوهُ، وورِّثَه: جَعَلَهُ من ورثَتِه. والوارِثُ: الباقي بعدَ فَتاءِ الخَلقِ.  

القاموس المحيط - الفيروزآبادي - الرسالة ط 8 - 1426هـ 2- ص 177

ومما سبق من تعريفات لغوية نستخلص أن الميراث والإرث هو ما يرثه الإبن من والده أو ما يتركه الأب لابنه، وإن ما تركه الأجداد يتضمن ذات المعنى وإن تباعدت الأزمان وتعاقبت الأجيال.

التراث اصطلاحاً:

أشار محفوظ أن التراث: "هو تلك الحصيلة من المعارف والعلوم والعادات والفنون والآداب والمنجزات المادية التي تراكمت عبر التاريخ.. وهو نتاج جهد إنساني متواصل، قامت به جموع الأمة عبر التاريخ، وعبر التعاقب الزمني أصبحت هذه الحصيلة المسماة (التراث)، تشكل مظاهر مادية ونفسية ونمطاً في السلوك والعلاقات، وطريقة في التعامل والنظر إلى الأشياء".

الإسلام، الغرب وحوار المستقبل - محمد محفوظ - المركز الثقافي العربي - ط1 1998م الدار البيضاء- ص 108

فالعلوم والفنون المختلفة والعادات السائدة للأمم السابقة توارثتها هذه الأمة، وكان لها الأثر البارز في تشكيل هويتها الحالية.

بينما ذهب سلطان إلى: "أن التراث - بوجه عام – هو ما يخلفه السابق للاحق، في الدين، وفي الفكر، وفي الأخلاق، وفي الشرائع، وفي الآداب، وفي الفن وغير ذلك"

الغارة على التراث الإسلامي - جمال سلطان –  مكتبة السنة – القاهرة – ط 1- 1410 هـ - ص 20

يتضح مما سبق أن التراث يأتي بمعنى الترك، حيث أن الأمة السابقة تركت ما كانت عليه للأمة اللاحقة.

وبعد الحديث عن التراث نجد أن المركب اللغوي – للتراث التربوي – يحتاج إلى التعريج على مفردة (التربوي) في اللغة والاصطلاح.

التربوي في اللغة:

اسم منسوب إلى تربية

   موقع المعاني https://2u.pw/1TcqH   

وعند تعريف التربية في اللغة فأصلها من مادة  ( ربا )

رَبا الشيءُ يَرْبُو رُبُوّاً ورِباءً: زاد ونما .وأَرْبَيْته: نَمَّيته.

لسان العرب – ابن منظور – دار المعارف – القاهرة - المجلد الثالث – جزء 17 – ص 1572

"ربا الشيء زاد ... ورباه تربية وترباه أي غذاه وهذا لكل ما ينمى كالولد والزرع ونحوه"

القاموس المحيط - الفيروزآبادي - الرسالة ط 8 - 1426هـ 2- ص 595

فالتربية تأخذ مفهوم يشمل النمو والزيادة والتنمية والتغذية الجسدية والروحية، وكل ما من شأنه أن يُمنح للنشأ من الرعاية والاهتمام.

التربية اصطلاحاً:

يشير الراغب الأصفهاني إلى أن : الرب في الأصل التربية وهو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حد التمام.

المفردات في غريب القرآن – أبي القاسم الحسين الأصفهاني – دار المعرفة – لبنان – بدون تاريخ - ص  184

ويقول البيضاوي أن: الرب في الأصل اللغوي بمعنى التربية، وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً.

أصول التربية الإسلامية – خالد حامد الحازمي – دار الزمان – المدينة المنورة - ط2 – 1430هـ  - ص ص 19-20

يتبين أن مفهوم التربية عند السلف الصالح رحمهم الله يقتضي التأسيس والتنشئة تدريجياً شيئاً فشيئاً حتى يبلغ النشأ حد التمام والكمال في مختلف الجوانب.

التراث التربوي:

بعد أن تم استعراض المعاني في اللغة والاصطلاح، نستخلص أن التراث التربوي هو: حصيلة ما تركته الأجيال السابقة من علوم ومعارف وآداب وأخلاق وعادات لأجيالها اللاحقة، بمختلف دياناتها التي تدين بها.

التراث التربوي الإسلامي:

أما عن الحديث عن مفهوم التراث التربوي الإسلامي، فهذا يقتصر على الأمة الإسلامية بداية من عهد الرسالة على يد معلم الأمة الإسلامية، القدوة الصالحة والأسوة الحسنة عليه الصلاة والسلام - العهد النبوي - مروراً بعهد الخلفاء الراشدين ثم علماء الأمة من السلف الصالح.

وعليه يمكن تعريفه إجرائياً بأنه: ذلك الإرث التاريخي الذي توارثته الأمة عبر الأجيال المتعاقبة، دينياً وعقدياً، وعلمياً وأدبياً.

وهذا يتفق مع ما أورده سلطان عن التراث الإسلامي، حيث يرى أن التراث الإسلامي: "هو النتاج الإنساني الفكري والوجداني، الذي خلفته لنا أجيال الأمة الإسلامية السابقة، ويمكن بلورته وتحديده في أقسام ثلاثة ضرورية التمييز والفصل، وهي "التراث الديني"، "التراث الفكري العام"، "والتراث الوجداني": الأدبي والفني بشعبه المتعددة".

الغارة على التراث الإسلامي - جمال سلطان –  مكتبة السنة – القاهرة – ط 1- 1410 هـ - ص 20

ومن جانب آخر عرف ملكاوي التراث التربوي الإسلامي على أنه: "هو الفكر الذي دوَّنه المربّون والعلماء المسلمون عبر التاريخ، فيما يختصُّ بالعلم والتعليم والتربية، وما يتعلَّق بها من مبادئ، أو ممارسات، أو مؤسسات"

الفكر التربوي الإسلامي المعاصر – فتحي حسن ملكاوي – المعهد العالمي للفكر الإسلامي – الأردن – ط 1 – 1442هـ

 

                 انتهى وبالله التوفيق،،،       

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق